الفقهاء والثورة.. وتاريخ العلاقة/محمد محمود ولد الجودة |
الاثنين, 26 أغسطس 2013 01:25 |
العلاقة بين السلطة الدينية والسلطة السياسية علاقة قديمة قدم الإنسان إلا أنها تارة تكون علاقة تصادمية ومرة ودية أو تبريرية لأن كلا من السلطتين لا غني لها عن الأخري. ومن النادر ان تجتمعا تحت يد واحدة وإن كان عرف تاريخيا الحاكم الرسول والملك الإله ومع التباعد الواقع بين الإيدلوجيتين فقد تمثل في كل واحدة منهما وجود السلطتين. ولأن لكل واحدة منهما اهدافها الخاصة بها فغالبا ما يتصادمان وقد اختلفت اساليب الملك الإله في التعامل مع الأنبياء مابين القتل والتشريد والإضطهاد بينما طرق الإنبياء تبني علي العدل والمساواة . ـ الفقهاء والسلطة : منذو الأيام الأولي بعد رسول لله صلي لله عليه وسلم تميز المجتمع المدني الراشدي وتبين أنه يقوم علي ركيزتين اساسيتين كل منهما تحتاج إلي الأخري ولا تستغني عنها ـ العلماء والسلطان (……. إن مجتمع الدعوة المحمدية زمن الخلفاء الراشدين كان يتألف من منزلتين فقط كان الأمراء والعلماء فريقا والجند والرعية فريقا آخر ولا شيئ غير هذين الفرقين يستحق أن يوضع في منزلة خاصة ) (الجابري: العقل السياسي العربي 330/331 ) وهذا هو سبب صلاح ذلك المجتمع وبعده عن الإستبداد السياسي والفساد المالي إلا ان تلك المرحلة لم تطل حتي صار الأمراء فريقا والعلماء فريقا آخر (………وعندما قامت دولة السياسة مع معاوية أصبح الأمراء فريقا والعلماء فريقا آخر في القمة واصبح الجند فريقا والرعية فريقا آخر في القاعدة ) ـ المرجع السابق ـ ولم تطل هذه المدة بعد معاوية حتي تغير هرم المجتمع واصبح الأمراء والجند اي ـ الدولة ـ فريقا والعلماء والرعية فريقا آخر معارضا ومن هنا يتبين لنا متي بدء العلماء يخرجون أو يخرجون عن دفة الحكم واماكن التأثير ـ من علامة صلاح الحاكم مشاورة العلماء أبعد العلماء عن الحكم والمشاركة فيه من بداية الدولة الأموية ووقع الحكام الأمويون في كثير من الأخطاء بسبب إبعادهم للعلماء فلما جاء الخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز رد لأهل العلم قيمتهم واتخذ من العلماء مجلسا برلمانيا لا يقطع امرا دونه وهم : عروة بن الزبير وعبيد لله بن عبد لله بن عتبة وابوبكر بن عبد الرحمن وابوبكر بن سليمان بن خيثمة وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد بن ابي بكر وسالم بن عبد لله بن عمر بن الخطاب وعبدلله بن عمرو بن العاص وعبد لله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد بن ثابت فقال لهم بعد أن جمعهم ما أريد أن اقطع امرا إلا برأيكم فإن رأيتم احدا يتعدي او يظلم فأبلغوني (الطبري 2/ 672 ) ويكفي لمعرفة ذلك أن تطالع بن كثير او بن جرير فلم يوصف حاكم عبر التاريخ بالعدل إلا ووصف بأنه محب للعلماء ـ الفقهاء والمعارضة : دخل الفقهاء في صفوف المعارضة في للحظات الأولي من انحراف الأمة عن المنهج الصحيح في الحياة السياسية وكان بداية ذلك حين رأي معاوية رضي لله عنه وارضاه ان يورث الخلافة لا بنه يزيد فوقف في وجه ذلك فقهاء الصحابةرضي لله عنهم عبد لله بن عمر وحبر الأمة عبد لله بن عباس وعبد لله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن ابي بكر(بن كثير 8/153) وقد حاول معاوية رضي لله عنه بكل الوسائل مع بن عمر ليقبل بالأمر لكنه امتنع وعد القبول خيانة ساسية للأمة ونقصا في الدين فقد أرسل له معاوية مائة ألف دينار ليقبل ببيعة يزيد فقال : هذا أراد إن ديني عندي إذا لرخيص وامتنع ان يأخذها (بن الأثير 3/250) وقد أقر الكل اعتراض عبد الرحمن بن ابي بكر علي مروان بن الحكم في بيعة يزيد لما قال سنة ابي بكر وعمر الراشدة المهدية فقال له عبد الرحمن بن ابي بكر ليست بسنة ابي بكر فقد ترك ابوبكر الأهل والعشيرة وعدل إلي رجل من بني عدي أن راي انه لذلك اهل ولكنها هرقلية (الذهبي 148) حتي عد هذا اللإقرار اجماعا كماذكر ذلك بن رجب في فتح الباري (5/279) وقد ورث فقهاء التابعين هذه الأخلاق في معارضة الحكام ومحاربة السنن الكسروية والهرقلية فهاهو فقيه التابعين وسيدهم سعيد بن المسيب يعتبر الخيانة السياسية تلاعبا بالدين وذلك حينما عرض عليه عبد الملك أن يبايع لولديه فقال :لا أبايع لا ثنين ما تعاقب لليل والنهار فعرض عليه ان يخرج من المدينة إلي العمرة حتي يبايع الناس فقال لا أجهد بدني وأنفق مالي في شيئ ليس لي فيه نية فقالوا الزم دارك حتي ينقضي الأمر قال وانا اسمع حي علي الصلاة حي علي الفلاح ما أنا بفاعل قالوا فإذا قرء الوالي عليك الكتاب فلا تقل لا ولا نعم قال فيقول الناس بايع سعيد ما انا بفاعل فقيل له ادخل من الباب واخرج من الباب الآخر فقال ولله لا يقتدي بي أحد من الناس فأمر بضربه والطواف به وسجنه وعرضه علي السيف فلم يرجع عن رأيه (تاريخ خليفة 289بن كثير 9/64) وقد دخل عليه جماعة وهوفي السجن فقالوا اتق لله فإنا نخاف علي دمك فقال لهم ارجعوا عني أترونني ألعب بديني كما لعبتم بدينكم وأثر هذا الموقف كثيرا في عمر بن عبد العزيز بعد ذلك فصار يقول ما أغبط رجلا لم يصبه فيه هذا الأمر أذي (المعرفة والتاريخ 1/ 474) وقد تأثر تابع التابعين بهذا الأمر وكان دافعا لهم في معارضة الأمراء ومواجهتم فهاهو مالك رحمه لله تعالي يضرب ويسجن ويطاف به بسبب فتواه ومع ذلك يسلي نفسه و يقول : ضربت فيما ضرب فيه سعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر وربيعة ولا خير فيمن لم يؤذي في هذا الأمر (السير 9/331) وممن سا رعلي هذا الطريق وأوذي وكان من الفقهاء المعارضين للأمراء في تلك الفترة محمد بن أبي ذئب القرشي المدني فقد عرف بقول الحق والصدع به أما م الطغاة ولهذا السبب فضله الإمام أحمد علي مالك لشجاعته وأمره بالمعروف وكونه لا تاخذه في لله لومة لائم (تاريخ بغداد 13/328) وكان رحمه لله تخافه الأمراء وتخشاه ومما يثبت ذلك قصته مع المهدي فقد حج المهدي بن المنصور ودخل المسجد النبوي فقام له الناس ولم يقم بن ابي ذئب فقيل له قم هذا أمير المؤمنين فردعليهم إنما يقوم الناس لرب العالمين فقال المهدي دعوه فلقد قامت كل شعرة في رأسي (تاريخ بغداد 2/298 ) ـ الفقهاء والثورة : في النصف الثاني من القرن الأول وفي المرحلة الثانية من تاريخ هذه الأمة علي تعبير مالك بن نبي وفي الوقت الذي بدأت الأمة تحكم فيه بالخطاب السياسي المؤل بد ل المنزل علي تعبير المطيري وقعت ثورات متعددة في أطراف الدولة الإسلامية وكان الفقهاء هم قادة هذه الثورات وهم وقودها وكانت أول هذه الثورات ثورة عبدلله بن حنظلة الغسيل وكان شريفا فاضلا سيدا عابدا فلما قدم علي يزيد ورأي حاله رجع إلي المدينة وخلعه وبايعه اهل المدينة (الذهبي 24) وكان عبد لله من صغار الصحابة وقتل يوم الحرة وقتل معه من الصحابة عبد لله بن زيد بن عاصم الأنصاري وعبد لله بن السائب المكي القارئ ومعقل بن سنان الأشجعي (الذهبي 144ـ 145) ويدل علي وجود العلماء والفقهاء في شهداء الحرة ماقاله مالك رحمه لله تعالي قتل يوم الحرة من حملة القرآن سبع مائة (بن كثير 8/ 228) ثم تمضي بعد ذلك سنوات قليلة ليفتح التاريخ صفحة جديدة من تاريخ الفقهاء ستكون حجة علي من يأتي بعدهم ممن حمل اسمهم واتصف بصفتهم وذلك في سنة 81 هـ حين خرج الفقهاء والقراء مع بن الأشعث وبايعوه علي الكتاب والسنة وخلع أئمة الصلال (بن جرير 3/ 622) وقد كان من اصحاب هذه الثورة : أنس بن مالك وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وابو إسحاق السبيعي وعبد الرحمن بن ابي ليلي وابو البختري الطائي وعبد لله بن شداد بن الهادي والحسن البصري ومسلم بن يسار والنضر بن انس بن مالك وابوعبيدة بن عبد لله بن مسعود وطلحة بن مصر اليمامي وزيد بن الحارث اليمامي ومحمد بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم من علماء المصرين (خليفة : 286 /287 ) وخطب هؤلاء الفقهاء في الناس وحرضوهم علي محاربة الظالم والخروج عليه .(تقرؤ خطبهم في تاريخ خليفة 286/287) وكان من الفقهاء الذين يلعنون الظالم ولا يحبونه ابراهيم النخعي فقيه التابعين وكان يقول كفي عمي أن يعمي الرجل عن امر الحجاج وكان يري لعن الحجاج وسبه وقد عاش كثيرا من الزمن وهو مطارد من قبل الحجاج (بن كثير 9/207 ) ويستمر الفقهاء في تنوير الشعوب وردهم إلي الصواب كلما ظهر بطل أو قائد فهم الفقهاء منه القدرة علي الصلاح والإصلاح وقد تمثل ذلك حينما ظهر محمد ذو النفس الزكية في ثورته ضد العباسيين فأفتي الفقهاء وعلي رأسهم مالك بجواز الخروج معه وقد ضرب مالك في ذلك وأوذي ليعلن مالك قناعته ويرسل رسالة إلي اتباعه من بعده ـ ينبغي أن يفهموها ـ لا خير فيمن لا يؤذي في هذا الأمر (السير 9 /393) ويخرج ابراهيم اخو ذو النفس الزكية في الكوفة فما كان من فقهاء الكوفة ابوحنيفة وسفيان الثوري إلا ان أفتو بجواز الخروج مع ابراهيم فسارع أهل الكوفة فيها (تاريخ بغداد 13/397 ) وقد خرج مع ذو النفس الزكية في ثورته ركب من فقهاء المدينة وهم : عبد العزيز الداوردي وابوبكر بن ابي سبرة وعبد الحميد بن جعفر وعبد لله بن هرمز ومحمد بن عجلان (بن جرير 4/448) كما خرج مع ابراهيم من فقهاء العراق : عيسي بن يونس ومعاذ بن معاذ وإ سحاق بن الأزرق ومعاذ بن هشام وغيرهم (بن كثير 10 /98) ليبقي هؤلاء الفقهاء شامة في جبين التاريخ وحجة علي غيرهم ممن احب البلاط وقربه والسلطان وحبه . ـ الفقهاء والربيع العربي : في التاريخ الإسلامي جثي الإستبداد السياسي وانتشر الفساد المالي والإداري في المشرق كثيرا من الزمن بينما المغرب العربي قامت فيه دول لم تتأثر بالفقه السياسي الذي انتشر في المشرق منذ ظهور كتاب الأحكام السلطانية للماوردي وهذا يتضح في كلام كثير من فقهاء المالكية في الشوري فنري بن عطية الأندلسي المفسر يقول :الشوري من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام من لا يستشير اهل العلم والدين فعزله واجب (القرطبي 4/143) وهذا الكلام قيل في زمن فقهاء المشرق فيه شغلهم الشاغل هل الشوري واجبة أم لا؟ وهل هي ملزمة أم معلمة ؟ ولعل ان يكون هذا هو السر الذي جعل التغيير الجديد تكون بدايته من المغرب لامن المشرق . فمنذ بداية الربيع العربي المبارك وفقهاء الأمة الإسلامية الذين عاشوا لهذا الدين وأوذوا في سبيله هم قادته وهم موجهوه وعلي رأسهم الشيخ العلامة ابو الصحوة الإسلامية الد كتور يوسف القرضاوي الذي يستحق أن يقال فيه : رجل كأن الملائكة أدبته وكأن الأنبياء ربته إن أمر بشيئ كان الزم الناس له وإن نهي عن شيئ كان اترك الناس له مارأيت ظاهرا اشبه بباطن منه ولا باطنا اشبه بظاهر منه (الحسن البصري في وصف عمرو بن عبيد ) وشيخنا العلامة الدكتور نابغة المغرب الأقصي محمد الحسن الددو الذي يصدق فيه انه ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم ولا يتمادي في الزلة ولا يحصر من الفيئ إلي الحق إذا عرفه ولاتشرف نفسه علي طمع ........ولا يكتفي بأدني فهم دون اقصاه ........أوقفهم في الشبهات وآخذهم بالحجج واصرمهم عند اتضاح الحكم ..... ممن لا يزدهيه إثراء ولا يستمليه إغراء...... وأو لئك قليل (كلام لعلي : بتصرف ) والعلامة الدكتور احمد الريسوني والمفكر الدكتور محمد محمد المختار الشنقيطي فقد سجل تاريخ الربيع العربي وتحول الشعوب من مرحلة الإستبداد إلي مرحلة الحرية لهؤ لاء الفقهاء مواقف ستذكرها الأجيال فيما بعد كما نذكر الآن مواقف السلف في مواجهة الطغيان وللأسف الشديد فقد امتلأت صفحات التواصل الإجتماعي بالرد علي هؤلاء العلماء تارة وبذمهم تارة أخري ووصفهم بدعاة الفتنة وكل ذلك سببه الجهل بتاريخ الفقهاء والعلماء مع الطغاة او بسبب الطمع نسأل لله السلامة والعافية . فلقد وقف هؤلاء الفقهاء موقفا مع الشعوب المظلومة لوكان مالك حيا لوقفه لأنه أوذي في هذا الطريق وقال (لا خير فيمن لا يؤذي في هذا الأمر ) ولو كان سيد التابعين سعيد بن المسيب حيا لوقفه لأنه قال لمن دعاه ان يكون في جنب السلطان وان يطيعه فيما يريد لأنه يخشي عليه منه (اخرج عني: أترونني العب بديني كما تلعبون بدينكم ) ولوكان فقيه التابعين ابرايهم النخعي حيا لوقفه لأنه قال : ( كفي بالرجل عمي أن يعمي عن امر الحجاج ) وعاش وهو مطارد فالذي يمكن أن يقال إن هؤلاء العلماء الذين ساروا مع الشعوب المظلومة وابتعدوا عن السلطان وحاشيته ولم يقبلوا الجلوس معه علي بلاطه أنهم ليسوا من علماء السوء الذين يزينون للسلاطين مايريدون والذين وصفهم الكواكبي بقوله : ومن أخطر دسائس المتعممين أنهم ينفثون في صدور الأمراء لزوم الإستمرار علي الإستقلال بالرأي وإن كان مضرا ومعاداة الشوري وإن كانت سنة والمحافظة علي الحالة الجارية وإن كانت سيئة .........ضل المتعممون وصاروا أضر علي الدين من الشياطين (أم القري 46) والذين دعي عليهم الذهبي عندما علق علي موقف للأوزاعي مع احد طغاة الأمة فقال : كان عبد لله بن علي ملكا جبارا سفاكا للدماء صعب المراس ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق كما تري لا كخلق من علماء السوء الذين يحسنون للأمراء ما يقومون به من الظلم والعسف ويقلبون لهم الباطل حقا ـ قاتلهم لله ـ أو يسكتون مع القدرة علي بيان الحق (السير 7/125) وتأمل كلمته قاتلهم لله ولوكان الإمام احمد حيا وسئل عن هؤلاء العلماء الذين دعموالثورات ووقفوا مع اهلها وقالوا كلمة الحق لفضلهم علي اهل عصرهم لأنه رحمه لله تعالي فضل بن ابي ذئب علي مالك بهذا السبب فقد سئل عن مالك وبن ابي ذئب فقال :بن أبي ذئب اصلح في دينه وأورع ورعا وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين وقد دخل بن ابي ذئب علي جعفر فلم يهب ان قال له الحق قال : الظلم فاش ببابك وابو جعفر ابو جعفر (تاريخ بغداد 2/ 302 ) ـ الأزهر والثورة في الأشهر الأولي من الثورات التي عاشها المسلمون في البلدان العربية كان أصحابها يترقبون الدعم الشرعي لها وخصوصا من المؤ سسات الدينية المعروفة فأصدر الأزهر وثيقة حول الأحداث الجارية آن ذاك وكانت داعمة لتلك الثورات ومؤصلة لها حتي قال الريسوني في حقها انها ينبغي أن تسمي فتوي العصر (فقه الثورة : برنامج الشريعة والحياة ) وفي لحظة من لحظات الضعف الإنساني والتخطيط الصهيوني يلقي أحمد الطيب ـ لا طيبه لله ـ بثقله علي اختيار ملايين من المسلمين ويشارك باسمه رئيسا للأزهر في انقلاب علي شرعية شهد الجميع بنزاهتها ليثبت بذلك قولة الريسوني : العلم لايكون رسميا ولاخير في العالم إذا كان رسميا (فقه الثورة : برنامج الشريعة والحياة ) فما فعله الطيب يعد نشازا علي الأزهر ومشيخته وتاريخه وهوماثبت بعد ذلك بأيام حين خرج علماء الأزهر واصدروا بيانهم دعما للحق ووقوفا مع المظلوم ضد الظالم لكن هذا وحده لا يكفي فالذي تنتظره الأمة من مشخية الأزهر هو ان تكون هذه المشيخة خير خلف لخير سلف وتفعل مافعله علماء الأزهر سنة 1209 هـ 1794م حين قادوا ثورة جماهيرية ضد المماليك اشترك فيها العامة الذين توافدوا من اطراف القاهرة بعد ان أغلقوا الأزهر وامروا العامة بإلاغلاق اسواقهم ومحلاتهم وذلك بسبب ظلم المماليك وعسفهم بالرعية فلم يجد المماليك بدا من النزول علي رغبة الجماهير فاشترط عليهم العلماء شروطا كتبواها ووقع عليها الممالك وهي وثيقة تقر إقامة العدل ورفع الظلم والضرائب عن جميع الناس في مصر وكان من قادة هذه الثورة : ـ شيخ الأزهر الشقراوي ـ مفتي الحنفية العرايشي ـ الشيخ البكري وغيرهم (تاريخ الجبرتي 2/ 258) فهذا العصيان المدني الذي سيدعوا له علماء الأزهر هو الذي سيحل المشكلة كما حلها من قبل و هو أضعف الإيمان بالنسبة للمشيخة . ـ رسالة إلي الفقهاء : علي فقهائنا أن يعلموا انه علي مر التاريخ ما ظلم ظالم ولا استبد مستبد إلا وكان علي بلاطه من الفقهاء من يزين له اعماله أو يشاركه في الإثم بالسكوت عنه وكل ذلك بسبب الطمع . ( ..... فهذه كانت سيرة العلماء وعادتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقلة مبالاتهم بسطوة السلاطين لأ نهم اتكلوا علي لله تعالي أن يحرسهم ورضوا بحكم لله تعالي ان يرزقهم الشهادة . ـ وهم يعلمون أن ـ ..... فساد الرعايا بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء وفساد العلماء باستيلاء حب الما ل والجاه ومن استولي عليه حب الدنيا لم يقدر علي الحسبة علي الأرذال فكيف علي الملوك والأكابر (الإحياء 2 / 357 ) فالحذر الحذر |