إشكال مخرج حرف الضاد/أحمد سالم ولد زياد
الأحد, 01 سبتمبر 2013 16:36

الأستاذ أحمد سالم بن زيادالأستاذ أحمد سالم بن زيادوصلتني هذه الرسالة من صديقنا وحبيبنا المكي، "أبو عبد الله الجعفري":أخي حفظك الله أفدنا في كيفية النطق بـ (الضاد) حيث إنها تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من اﻷضراس أو نقول :من إحدى حافتي اللسان مع ما يليه من اﻷضراس وبعض أهل اﻷداء يقول لولا اختلاف المخرج لكانت ( الضاد) ظاء خالصة وعلى هذه المقولة فإن الضاد التي نقرأ بها في المشرق ليست هي التي وصفها أهل اﻷداء أفيدوني مشكورين...."

فأجبته بعد إصرار منه -بارك الله فيه- وقلتُ مستعينا بالله، مستبرئا من حولي وقوتي، ومستجيرا به من الشيطان الرجيم وجنده وأشياعه والزلل والقول بما لا أعلم.

رغم أن اللغة العربية هي لغة الضاد؛ فقد فسد هذا الحرف مخرجا وصفة عند كل الشعوب العربية بلا استثناء، ولولا بعضُ الأسانيد والروايات الضيقة التي تناقلته مشافهة لقلنا إنه اختفى من كلام العرب..!!مع أن العلماء –جزهم الله خير الجزاء- ضبطوا لنا مخارج الحروف العربية وصفاتها؛ بدقة متناهية، حتى إنك لا تلاحظ معها الفراغ الناتج عن استحالة المشافهة بالأحرف من العرب الفصحاء سليقة الذين انقرضوا في القرون الهجرية الأولى..

وسنتكلم عن مخرج الضاد الفصيح وصفاته، ثم نعرج على الضادات اللهجية ونقارنها بالضاد الفصيحة مخرجا وصفاتٍ.

1- مخرج وصفات الضاد الفصيح:

أ‌-                 مخرج الضاد:

الضاد هي أطول الحروف مطلقا مخرجا، فمخرجها من حافة اللسان بمحاذات الأضراس، ابتداءا بضرس العقل إلى ضرس الضاحك، وضرس العقل هو آخر الأضراس نباتا وهو آخرها جهة الحلق، والضاحك هو الذي يلي الناب.. والضاد من حافة اللسان اليسرى أيسر، ومن اليمنى أعسر، ومنهما معا أعسر وأندرُ.

ب‌-            صفات الضاد:

للضاد ستُّ صفات؛ الجهر؛ الرخاوة؛ الاستعلاء؛ الإطباق؛ الإصمات؛ الاستطالة.

ü    الجهر:

لغة:الإعلان.

واصطلاحاً: انحباس جري النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج...فالحرف المجهور لا يجري فيه النفس بخلاف المهموس، فلو قلتَ (أّدْ) فإن الهواء المنبعث من الرئة سنحبس فجأة بسبب اعتماد اللسان على اعتمادا كليا على مخرج الدال. بخلاف الفاء؛ فلو سكَّنت الفاء هكذا: (أَفْ) فسيظل الهواء مندفعا مع الحرف حتى ينقطع نفسك.

ü    الرخاوة:

لغة: اللين.

واصطلاحاً: جريان الصوت مع الحرف لضعف الاعتماد على المخرج.وحوفُهُ: الهمزة، والباء، والجيم، والدال، والذال، والراء، والزاي، والضاد، والطاء، والظاء، والعين، والغين، والقاف، واللام، والميم، والنون، والواو، والياء، والألف، والواو المدِّيَّة، والياء المدية.

v  تنبيه:

هناك فرق بين النفس والصوت، يتضح في العين واللام فأنت تستطيع مطَّ صوتيهما فتقول: أَعْعْعْعْعْعْ. وأَلْلْلْلْلْلْ. فالذي استطال معك هنا صوتٌ بخلاف أفْفْفْفْفْ وأَحْحْحْحْحْ... فإن الذي يستطيل فيهما النفس وهو الهواء المتولد من الرئتين.

والرخاوة يعبر عنها علماء اللسانيات بتعبير مفهم وقريب، وهو الاحتكاكية، فحافة اللسان تحتك احتكاكا بالأضراس، ولا يكون الاعتماد بالحافة على الأضراس مانعا من جريان الصوت بين المحتكين حافة اللسان والأضراس.

وأنبه على أن الرخاوة تتفاوت في حروفها، كما يتفاوة الهمس في حروفه؛ فليس يتساوى ضعف الاعتماد باللسان في الثاء والظاء والذال مع الفاء ولا مع الزاي ولا مع الضاد، كما لا يتساوى همس الفاء والحاء مع همس الكاف والتاء..!!

وبما أن الضاد والظاء تشتركان في الرخاوة؛ نجد البعض ينطقهما بصوت واحد أو متقارب جدا، وما ذاك إلا لتوهمه أن الرخاوة درجة واحدة، ولو تذوقت كل حروف الذلاقة؛ لتبين أنها تتفاوتُ في حروفها تفاوتا متشاككا واضحا..!!

ü    الاستعلاء:

ضد الإستفال وهو ارتفاع اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى ، وحروفه سبعة وهي مجموعه في قولهم خص ضغط قظ...

والاستعلاء موجبٌ للتفخيم، ذلك لأن الفم يمتلئ بصوت حروفه فيكون لها صدًى..

ü    الإطباق:

هو تلاقي طائفتي اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف والإطباق من صفات القوة، وحروفه الصاد والضاد والطاء والظاء وهذه الأربعة أحرف هي أقوى حروف التفخيم لجمعها بين الإطباق والإستعلاء، وما بقي من الأحرف بعد حروف الإطباق فهي حروف الانفتاح.

وعندما ننطق بالصاد برأس اللسان فقط دون طائفتيه؛ فإنه يكون قريبا من السين.وعندما ننطق الطاء برأس اللسان فقط؛ فإنها تكون قريبة من التاء..وعندما ننطق الضاد والظاء برأس اللسان فقط؛ فإننا ننقص من تفخيمهما نقصا بينا..

ü    الإصمات: 

وسميت حروف الإصمات بهذا الاسم لامتناع انفراد هذه الحروف أصولا في الكلمات الرباعية أو الخماسية فلابد من وجود حرف أو أكثر من حروف الاذلاق في الكلمات الرباعية أو الخماسية فإن لم تجد في كلمة رباعية الأصل أو خماسية حرف إذلاق فاحكم عليها بأنها كلمة غير عربية ،وحروفها هي بقية الحروف..وحروفه هي كل الحروف غير الحروف المجمعة في قولهم : (فر من لب).

ü    الاستطالة:

ومعناه لغة: الامتداد.

واصطلاحًا: امتداد الصوت من أول إحدى حافتي اللسان إلى آخرها.وحرفها الضاد فقط.

v  تنبيه:

لا أعتقد –وفاقا لكثيرين- أن الإصمات والإستطالة يدخلنا في عداد الصفات، فهما إلى المخرج أقرب.وملخص ما سبق أن الضاد الفصيحة ليست من طرف اللسان كما ينطقها أهل الجزيرة وتونس والعراق... وليست كذلك من غار الحنك الأعلى كما ينطقها أهل مصر والعراق والمغرب والجزائر وموريتانيا..وليست كذلك تلك الضاد التي تأتي من حافة اللسان ويمتزج صوتها بصوت الظاء بأن تبدأ ضادا وتنتهي ظاء، وقد سماها سيبويه الضاد الضعيفة، وقال بأنها لا يقرأ بها القرءان ولا حتى الشعر..!!يتواصل.. إن شاء الله

 كيف ننطق الضاد العربية الفصيحة؟

-يندفع الهواء من الرئتين حتى يصل إلى وسط الفم، حينها تعترض طريقه حافَّة اللسان، محتكة بالأضراس العلوية اليسرى، أو اليمنى. أو الحافتان معا؛ فتحتكان بما يحاذيهما من الأضراس.. وفي نفس الوقت ترتفع  مؤخرة اللسان لتسد فتحتي الخيشوم، ويرتفع الطبق وهو اللسان وطائفتاه؛ ليمتلئ الفمُ بصوت الضاد. كلُّ هذا بحركة واحدة، فلا يقبل أن يتخلف فعلٌ عن فعل.. وإلا نتج صوتٌ آخر، ليس هو الضاد..

فهي تتولد من من حافة اللسان وما يحاذيها من الأضراس، وهي أيضا مجهورة، رخوة، مستعلية، مطبقة، مستطيلة..

وقريبٌ منها الضاد الضعيفة، ولا تخالفها إلا في الصوت، فتلك لعدم تمكين الحافة من الأضراس، يخرج شوصتها مشوبا بصوت الظاء(ضْظَ) ، إن لم يكن ظاءً خالصة..!!.

كيف ننظقُ الضاد الدالية؟، (أي التي تخرج من مخرج الدال وتشبه صوت الدال المفخمة).

يندفع الهواء من الرئتين كالعادة ليعترض ظهر اللسان طريقه مع أصول الثنايا العليا (أي من حيث يخرخ الدال والتاء والطاء) وترتفع مؤخرة اللسان سادة فتحتي الخيشوم، فينحبس الهواء انحباس تاما في مخرج الدال، وتهتز الأوتار الصوتية، وبعدها ينزل اللسان مرة واحدة، وهو ما يدعوه الأقدومون الشدة، ويدعوه المعاصرون الانفجارية..!!

والضاد التي هذه صفتها، كلها أخطاء، وهي بعيدة من الضاد الفصيحة صفة ومخرجا..!!

فهي من ظهر اللسان بخلاف الضاد الفصيحة فهي من الحافة، وهي مجهورة، شديدة، مستفلة، منفتحة، غير مستطيلة...

يتواصل......

 

إشكال مخرج حرف الضاد/أحمد سالم ولد زياد

السراج TV