موعظة تنموية/د. خالد الصبري
الثلاثاء, 19 نوفمبر 2013 13:08

 

 

 

في دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز ، والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ) فوائد تنموية ودلالات استثمارية .

فالهم : هو الانشغال بهموم المستقبل من العمر والحياة بما في ذلك الخوف من الفشل وعدم النجاح ، والحزن : هو الحسرة على الماضي وبما حصل فيه من حرمان وما نزل فيه من مصائب ، وكلا المرضين يحتاج إلى وقت وزمن يختلف من شخص إلى آخر ، والنتيجة أن الهم والحزن حالة مرضية تمر بالإنسان تودي إلى التوقف التام والانقطاع الكامل عن ميادين العمل والإنتاج عند أعلى مستوياتهما ، كما تودي إلى الممارسة الضعيفة في أداء المهام والواجبات في المستوى الأدنى .

والأول هو العجز والثاني هو الكسل وهو مضمون الاستعاذة الثانية للقيام بعمل كامل بنشاط وحيوية بعيدا عن حال العاجز الذي حرم من التوكل بالنزول إلى الميدان مستعينا بالله وبعيدا عن حال الكسلان الذي يدل حاله على انتفاء الثقة الكاملة واليقين القاطع بقدرة الله وبكرمه وجوده واستجابته لدعوة الداعي إذا دعاه ، وبقيام العبد بالعمل بعيدا عنهما يحقق نتائج ايجابية ويتحصل على عطايا ربه سبحانه الذي أعانه على بذل الجهود ووفقه إلى إدراك سنن النجاح وبارك له في تلك الجهود .  

وشكرا لله تعالى المعطي الوهاب على العبد الذي حقق ذلك أن يتعوذ من أمراض هذه المرحلة والتي تتمثل في الجبن والخوف من فوات هذه المصالح ومن الحرمان منها مرة أخرى ومن ثم البخل بها ومحاولة إخفاءها وستراها كما في قوله تعالى : ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا ) ،فلماذا الخوف والبخل وخاصة بعد رحلة التجربة التي أنتجت هذه النعم والعطايا .

ولولااستجابة الله تعالى لدعوة الاستعاذة من الهم والحزن وما يؤدي إليه من العجز والكسل لما حصل على شيء فكل شيء مكتوب ومرصود في كتاب مكنون وعند الله محفوظ .

فالعودة العودة إلى المعطي الكريم والوهاب الرحيم حتى لا يسلبك هذه النعمة ويحرمك التوفيق ، فأنت معرض لأي جائحة تدفعك إلى الاستدانة وطلب القروض من الغير لمواجهتها والتخفيف من آثارها كتغلب من يفوقوك من الرجال في امتلاك الأموال النقدية والعينية ويسهل عليهم قهرك وابتزازك وربما السطو على أملاكك والاستحواذ عليها باستخدام القوة أو بإعلانك العجز عن أداء الديون التي غلبتك وسببت لك قهرهم .

وهكذا إذا جزت مقام الهم والحزن وقمت بأداء الواجب من الأعمال بكل نشاط وحيوية بعيدا عن العجز والكسل ودفعت الجبن والبخل بيقين أن العطاء والمنع بيد الله حماك الله من غلبة الدين وقهر الرجال ..

والله الموفق والهادي على سواء السبيل .

 

موعظة تنموية/د. خالد الصبري

السراج TV