الردة عن الحرية [ح:13] (محاولات فهم..)/د. محمد أحمد الراشد
الأربعاء, 20 نوفمبر 2013 08:18

الراشدالراشدمحاولات فهم، وتقارير جيدة، ومصادر حيادية تشرح الحَدَث

  كأي قضية في الحياة: لا يمكن لعناصر السوء أن تستبد تماماً بشرحها والتعريف بها، وينغلق الأمر على شرّ، بل لابد من أن يكون لأهل الخير مقال ودفاع عن المظلوم وبيان لوجوه الحقيقة، إذ هكذا خلق الله البشر، وفي التعبير القرآني الكريم: (لا يزالون مختلفين)، وأصرح من ذلك ما في آيات سورة البقرة التي تسبق آية الكرسي: (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات، ولكن اختلفوا، فمنهم مَن آمن ومنهم مَن كفر، ولو شاء الله ما اقتتلوا، ولكنّ الله يفعل ما يريد) سبحانه، وله في ذلك حكمة لا ندركها سريعاً بل لاحقاً، وكما يكون في الانقسام من يؤمن ويقاتل الكفر: يكون مَن هو أقل منه، وهو الفرد يكون من الأمة الكافرة، لكنه يكون حيادياً وعادلاً ومسالماً وناطقاً بالحق ويشهد بما يرى ويعلم وينبذ شهادة الكذب والزور.

وهكذا تحصلت عندنا مجموعة من الدراسات والتصريحات الجيدة التي تتعلق بحادثة الانقلاب أو بالموقف من الإسلاميين عموماً، وليس تقرير معهد راند العدواني هو الوحيد، والذي استللت أهم فقراته وأوردتها كملحق لهذا الكتاب لمن يريد الدراسة المفصلة، وإنما هناك تقارير أُناس مسلمين من المصريين وغيرهم فيها عمق تحليل وصدق، وهناك تقارير أخرى لغربيين شرفاء التزموا الصدق والحيادية، فرأيت إ]رادها والاحتفاظ بها من الضياع، إلى حين نبوغ ثقة من الدعاة أو صادق أمين من عامة المسلمين، فيدرس الحادثة والتجربة السياسية الإسلامية المعاصرة بمصر وفق معايير البحث العلمية الجامعية ويصدر لنا كتاباً جامعاً يوثق فيه الأخبار وسياق الأحداث، فأكون بذلك قد وفّرت عليه نصف عمله. أي أن كتابي هذه الذي دونته على عجل بقصد موازاة الحدث إذ ما يزال حاراً قبل أن يبرد، ليكون فيه توجيه للدعاة يعلمهم كيف يسلكون في الظرف الصعب والمحيط المدلهم: هذا الكتاب وما فيه من تحليلات ومنهجية بحث وهندسة تأليفية يمكن أن يطوره باحث ذكي متفرغ غير مشغول مثلي، ويتمتع بشبابه وصحته غير مريض مثلي، ويصنع منه كتاباً واسعاً يشرح فيه ما اختصرت، ويوثق فيه ما رويت ونقلت، ويجرد الصحف والانترنيت وركام أقوال الإعلاميين في برامج الفضائيات الكثيرة من خلال التدقيق في أرشيفاتها، ثم يقتبس من الصور ما يزيد الوضوح، ويُنتج للأُمة كتاباً كبيراً جامعاً في تحليل التجربة والدروس المستفادة ويسرد سياق ما حدث بتفصيل وأمانة ولغة علمية بحثية ليست عاطفية إعلامية جنحت لها في بعض كلماتي بسبب حرارة الظرف وعُنف الصدمة النفسية التي سبّبها العدوان والجحود وكذب الزمرة الانقلابية، ومثل هذا الكتاب لو اكتمل فإن سيكون مصدراً رئيساً في تطوير وعي القيادات الدعوية والدعاة وعموم المخلصين، وسيكون خطوة في طريق رسوخ الحرية.

· أول هذه النصوص: مجموعة واسعة من المقالات الصحفية الأميركية والبريطانية، إذ إن هذه الصحف التزمت الحيادية وكانت مع الشرعية ولم تتورط في الأغلب في التزوير. فمن هذه الصحف: نيويورك تايمز التي قالت: إن الانقلاب على مرسي حدث لأنه منع أميركا من التدخل بمصر، وأن إعلانه الدستوري كان وسيلته الصحيحة لمنع قضاة عهد مبارك من مخططهم الانقلابي عليه. وكان عنوان غلاف مجلة تايم: أفضل المتظاهرين في العالم. وانحازت مجلة فورن أفيرس للشرعية بوضوح، وهي من أهم المجلات السياسية الأميركية في العالم. وكذا كانت جريدة الجارديان البريطانية مع الشرعية، وأصرح منها جريدة الديلي تلغراف البريطانية أيضاً، وجريدة شبيغل أون لاين الألمانية.

· وأصدر القسم الصحفي بجامعة كاليفورنيا تقريراً تفصيلياً مطولاً فيه تفاصيل الأموال الأميركية التي تحوّلت إلى محمد صفوت السادات لإحداث شَغَب، وإلى ضابط سابق بالشرطة المصرية يقيم في أميركا اسمه عفيفي، له عصابة واسعة داخل مصر، فزودوه بالأموال ليوزعها على أصحابه بمصر، وأورد التقرير تعليماته لزبانيته بتكسير أرجل الإخوان حتى لا يتحركوا. كما كشف التقرير عن تحويل مبالغ أميركية ضخمة إلى القبطي ساويرس ليكون واسطة إيصالها إلى الانقلابيين، وبذلك تبين كذب هذا الدعي الذي زعم أنها أمواله، بل هو بخيل، وإنما هو واسطة للمخابرات الأميركية لنقل المال. ولأهمية التقرير أثبتناه كوثيقة ملحقة بهذا الكتاب.

· وتقرير منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس) التابعة للأمم المتحدة تقرير واضح في إثبات مجزرة الحرس الجمهوري وأن الضحايا كانوا يصلون ولم يكن منهم هجوم، وأدانت الجيش والشرطة.

· وكتب الصحفي البريطاني المخضرم المختص بالسياسة العربية روبرت فيسك في صحيفة (الإندبندنت) البريطانية (أن السيسي هو الذي قاد البلاد إلى التظاهر من خلال قيادة المؤامرات وحماية الإعلاميين الذين ساندوا مبارك حتى اللحظات الأخيرة، وهم الذين حوّلوا مرسي إلى صورة شيطان سيذهب بالبلاد إلى الخراب)، وكتب مرة أخرى بعد اشتداد مظاهرات رابعة العدوية أن بعض العسكريين وضعوا خططاً للتضحية بالسيسي إذا انفجرت الأوضاع. ولهذا المحلل البريطاني تصريحات أخرى ومشاركات في الفضائيات، في الجزيرة وغيرها، وهو معروف بالعقلانية والجرأة في ذكر الوقائع الحقيقية ونقد بقايا التفكير الاستعماري الغربي، وله كتاب (الحرب على الحضارة) من ثلاثة أجزاء جمع فيه تقاريره التي انتصر فيها لقضايا فلسطين والعراق، وانتقد الأداء الأميركي، وكشف طبيعة تفكير الدكتاتوريات العربيةـ، وكتابه مترجم إلى العربية، وأغلب كلامه جيد، سوى أن وعيه للقضية السورية لم يكتمل بعد، لأنه يقيـسها بالمقياس السياسي فقط ولا يدرك خطورة البدعة الرافضية.

· وأثمن التقارير وأعلاها قيمة واثراً في الاحتجاج: تقارير كبير الفلاسفة المعاصرين: فيلسوف اللغة الأميركي (نعوم جومسكي)، وهو يرأس مجموعة من كبار الباحثين والمحللين في أميركا، وبعضهم من أصل عربي، مثل هشام شرابي، وأدوارد سعيد المختص بالقضية الفلسطينية وبفضح الاستشراق، وهو من نصارى القدس، وقناعتي أنه أسلم، لحماسته في الدفاع عن الإسلام التي أبداها في كتابه: (الاستشراق)، ومهارته في تفنيد دعاوى اليهود، وتضم المجموعة عدداً من كبار المختصين، واشتهرت مواقف (جومسكي) خلال الثلاثين سنة الأخيرة كناقد للديمقراطية الأميركية المزيفة، وللسياسة الأميركية الاستعمارية في العراق وفلسطين وكل العالم، وكناقد جريء للسياسة الإسرائيلية، ومحاسنه أكثر من أن نوجزها في سطور سريعة، وقد وقف في قضية الثورة المصرية مع الحق، وأيد شرعية مرسي، وقام بتعرية مجموعة السيسي، وأورد بالتفصيل مهزلة الإعلام المصري المعادي لمرسي، وأتى على ذكر الإعلاميين الضعاف النفوس بالأسماء، واحداً بعد الآخر، وبيّن خطل آرائهم وأكاذيبهم، وتقاريره هي من أرقى التقارير وأوفاها وأدقها، وتجدها كاملة في موقع (جَدَليّة)، ومع أني غير مخوّل للتكلم نيابة عن الإخوان، غير أني أُحب إبلاغه أن قيادت الإخوان تشكره على مواقفه جزيل الشكر، وقد أوردت طرفاً من تقاريره كملاحق لهذا الكتاب، وقد قلنا إنه هو الذي فسَّرَ عداوة الإمارات لمرسي بخوفها من مشروع قناة السويس الذي سيلغي أهمية دُبي بالكامل.

· ومن أدق التقارير وأكثرها عُمقاً ومهارة في التحليل: تقرير الأستاذ طارق رمضان في موقع (Muslim Villige) وهو ابن سعيد رمضان، أحد وجوه الإخوان بمصر قديماً، وأمه بنت الإمام الشهيد حسن البنا، والتقرير يورد تعداد الإيجابيات الكثيرة التي كانت ستحصل لو استمر مرسي، وأسباب خوف الغرب والطغاة العرب من الإسلام السياسي المتنامي، ولأهمية التقرير وصعوبة اختصاره قمت بإضافته إلى ملاحق الكتاب، كمصدر من مصادر الوعي السياسي الدعوي.

· وتكلم الأستاذ الكبير المستشار طارق البشري بأجود الكلام في الانتصار لمرسي والحرية الدستور، وهو من فطاحل القضاء المصري، واشتهرت عنه آراء سديدة كثيرة، والتزم الوسطية والحيادية والإنصاف طيلة حياته، وما هو من الإخوان، ولكنه فقيه ومجرّب يوازن بعقلانية يجهر بالحق إذا لاح له، وقد أوردت بعض كلامه الواضح في الملاحق، جزاه الله خيراً وزاده فصاحة في الحق.

· وموعظة فضيلة الشيخ الدكتور حسن الشافعي مستشار الأزهر هي تقرير جيد، عقلاني وعاطفي معاً، وشرعي فقهي إيماني وتجريبي معاً، وقد تلاه شفاهاً في بعض الفضائيات وساعدني بعض الإخوة في استخراجه مكتوباً، وأضفته إلى الملاحق لما فيه من صواب وتذكير صادق رفيع.

· ومقالات الأستاذ عصام سلطان جيدة، وهو من رجال حزب الوسط، وفيها محاججات منطقية مفحمة، ولذلك وضعت نموذجاً منها في الملاحق.

· وأورد الإعلامي العراقي الجَزَري عامر الكبيسي تقريراً في الجزيرة سرد فيه سياق الأحداث، وذلك مهم لذاكرة التاريخ، وعمل مكمل للتحليل، ولذلك أضفت تقريره إلى الملاحق.

ولكن عامراً له مشاركة متصلة جيدة يومية في التويتر، وله تعقيبات واستنتاجات ماهرة وطريفة.

ومما نشره في التويتر: إحصاء القتلى في صف أنصار مرسي..

فحتى يوم 16 يوليو (تموز) 2013 كانت الإحصائية كالآتي:

111 مذبحة الساجدين أمام مقر الحرس الجمهوري، ويشمل الرقم الكثرة الذين ماتوا لاحقاً بعد إصابتهم بجراح.

18 مذبحة ميدان النهضة.

18 مذبحة سيدي جابر.

6 في اعتصام ماسبيرو.

5 مذبحة الحرس الجمهوري الأولى قبل مذبحة الساجدين.

135 مذبحة مقرات الأخوان ومقرات حزب الحرية والعدالة.

—————

293 المجموع

ثم 4 نساء وطفل في مذبحة المنصورة ثم عدد آخر في تعديات أنصار السيسي عند السفارة الأمريكية على جماعة مرسي.

ثم 136 شهيد في مجزرة رابعة العدوية.

والجرحى كثيرون أيضاً، ففي مذبحة الحرس الجمهوري فقط كان هناك 1000 جريح، وفي مذبحة رابعة أربعة آلاف وخمسمائة جريح.

وبعض القتلى من قادة الأخوان، مثل مسؤول قسم الطلاب في الأخوان، وهو أستاذ في كلية طب الأزهر واستشهد في مذبحة الحرس. والمسلسل متصل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

·ونطق الأستاذ فهمي هويدي بالحق بعد إبطاء، وأتى بكلام قوي في الإنكار على مبدأ الإنقلابات العسكرية.

·وتميز الشيخ الثقة الواعي حامد العلي كبير سلفية الكويت بمشاركات يومية نشطة في التويتر، متحمساً مع مرسي، وناطقاً بالحق، وناقلاً لأقوال الصحف والفضائيات، وقد أجاد واستوفى، وعاب على حزب النور خيانته، ونظم بعض الشعر، ومن أطرف جوامع أقواله وملاحظاته قوله:

(ميدان رابعة: صرح ثورة، وجامعة حراك سياسي، ومؤتمر حرية، ومشعل نهضة، وإشعاع نور للشعوب، ومعهد تدريب عملي للتغيير السياسي السلمي).

 

 

يتواصل.............

الردة عن الحرية [ح:13] (محاولات فهم..)/د. محمد أحمد الراشد

السراج TV