رأس المال الذي لا تمكن مصادرته/الشيخ محمد يسلم ولدمحفوظ
الأربعاء, 19 مارس 2014 17:37

الشيخ محمد يسلم ولد محفوظ المدير الإداري والتنفيذي لجمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليمالشيخ محمد يسلم ولد محفوظ المدير الإداري والتنفيذي لجمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليمعندما تعد إنسانا رجلا أو امرأة شابا أو كهلا إعدادا مستقى من هدي النبي صلى الله عليه وسلم  وفي واحة القرآن الكريم كما أعد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فإنك تجد رأس مال لا تمكن مصادرته ولا إتلافه ويمكنك أن تعمل كل مشروع تنوي إقامته دون عناء ودون احتياج إلى سلفة من البنك الدولي أو منظمات أخرى،  ولا تحتاج إقامة مشروعك إلا أن تعلن عنه فإذا بالمال والخبراء

 عندما أعلن النبي صلى الله عليه وسلم عن غزوة تبوك لم يكن في بيت المال عدة ولا عتاد ولا مال ولكن سرعان ما تهيأ الرجال  والعتاد بما فيه الكفاية  فقد أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه خمسمائة بعير بأحلاسها  وأقتابها يعني جاهزة.

 جاء ناس محتاجون مجتابي النمار دعا النبي صلى الله عليه لمواساتهم فجاء الناس بما عندهم من قليل وكثير حتى حصلت الكفاية وتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذ المنافقون ذلك سخرية لعدم تصورهم البذل في سبيل الله لبخلهم وحرصهم على المال فقال جل وعلا (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر لله منهم ولهم عذاب أليم) ذلك أنهم فد اتصفوا بالبخل فلا يفهمون الانفاق (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل )

كم كان التطوع والبذل سمتين بارزتين في الصدر الأول من المسلمين المؤمنين بدينهم المدافعين عن عقيدتهم ومبادئهم لا يبخلون بأنفسهم وأموالهم وقد اعتقدوا قول الله تعالى (يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وأؤلئك لهم الخيرات وأؤلئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ) وقال تعالى (لن تنال البر حتى تنفقوا مما تحبون )  وقوله تعلى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) ومثلها من الآيات والآحاديث كثير

 إن ما كان يحمله الصحابة رضي الله عنهم من التوكل على الله تعالى وتصديق موعوده والثقة في ما عنده والطمع في رضاه  جعلهم يؤثرون على أنفسهم في المال والنفس، وهو ما جعل دولة الإسلام غنية دون مال قوية دون عدة ،وجعل الحاجة في بيت المال ضعيفة فقد كان عمر رضي الله عنه يفرق ما في بيت المال بين المسلمين حتى يكنسه ويصلي فيه ومع ذلك لا يعجزه تجهيز الجيوش فبمجرد نداء يأتي كل مقاتل بنفسه وفرسه وعدته لا يطلب أجرا ولا عدة  ولا زادا هذه هي الخزينة الملأى التي لا يمكن مصادرتها ولا الضغط على أصحابها  كي يتنازلوا عن موقف

وكان التسيير في الدولة الإسلامية يعتمد لا مركزية (صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)

إن المال لا يبني الدول ولا يقيم المشاريع ولا يغني الفقراء إذا خلا من رجال مخلصين يصرفونه في مصرفه مؤمنون بمشروعهم يرعون مصالح أمتهم

فكم رأينا الفقر والتخلف والجهل والضعف في دول غنية بالمال فقيرة من الرجال وكم رأينا من دول فقيرة لكنها غنية بالرجال كانت في طليعة الدول المتقدمة

كثير من الناس يعجب من انشطة الإسلاميين ومشاريعهم ومن أين لهم هذا المال الكثير والمشاريع الضخمة.

لا شك أن هذا السؤال محير عندما  نرجع إلى المعايير الطبيعية  والأعراف المتبعة في إقامة  مشروع كمشروع جمعية المستقبل مثلا الذي أنجز الكثير خلال سنوات قليلة دون ميزانية سنوية وحتى شهرية إنه رأس مال لا تمكن مصادرته إنه الإنسان المخلص الباذل لوقته وماله رجال صادقون ونساء صادقات صدقوا ما عاهدوا الله عليه بذلوا أموالهم وأوقاتهم في سبيل الدعوة إلى الله تعالى وخدمة لهذا المجتمع.، سفينة يقودها علماء ربانيون لا ينامون إلا قليلا همهم الترشيد والتوجيه والتعليم والتربية على منهج رباني معتدل لا شطط فيه.

 تذكرت مرة ونحن نحضر لمؤتمر الوسطية اتصل بي أحد الزملاء  يريد مشاركة في المؤتمر وكان يظن أن المشارك ينال تعويضا  كبيرا مثل ما يناله في أنشطة الوزارة فقلت سوف أتصل بك فسألني كم نعوض للمشارك فقلت لا شيء فاستنكر ولم يرد المشاركة.

 قد حضرت مؤتمرا عملته الوزارة في قصر المؤتمرات فعوضوا حتى للمدعوين ولا ندري عن تعويض المشرفين.

 ومعلوم أن أي نشاط لإدارات الدولة تصرف عليه مبالغ طائلة وأحيانا يكون فرصة للمسؤولين عنه بأخذ أموال لصالحهم تكثر أو تقل بحسب قدرة المسؤول على الاحتيال.

أحيانا نقيم دورة للأئمة ودورات للباكلوريا وتحفيظ القرآن ..فلا تكلفنا إلا الشاي والشراب كما نعمل رحلات دعوية لا تكلف إلا البنزين الذي قد يكون المسؤولون عن الرحلة متطوعون به. 

ومع ذلك فإن مشاريع الدعوة كثيرة والجهود محدودة فقد عجزت الجمعية عن إقامة كثير من المشاريع الدعوية كان من المفروض أن تساهم الدولة في إنجازها لأنها تخدم الوطن والدين، بدل توقيف ما أنجز من الخير,    

انه راس مال لا تمكن مصادرته ولا احتجازه إنه الإنسان المؤمن بمبادئه الملتزم بأخلاقه وقيمه لا تأخذه في الله لومة لائم يرى من واجبه مثل صلاته وصومه فالدعوة إلى الله تعلى وإيصال الدين للناس ليس نفلا ولا ترفا وإنما هو واجب وضرورة والترخيص للجمعيات وسيلة وليس غاية فلا يمكن أن تتوقف الدعوة بسحب ترخيص بل الترخيص يحجم من الدعوة وانتشارها فيحجب الدعاة والعلماة عن العامة بحكم نظام العمل المكبل للجهود .

رأس المال الذي لا تمكن مصادرته/الشيخ محمد يسلم ولدمحفوظ

السراج TV