مناهج المستشرقين في دراسة القرآن الكريم(2/4)/أحمد بابانا العلوي
الاثنين, 07 يوليو 2014 13:26

وقبل أن ندخل في عرض طرائق ومناهج المستشرقين في دراسة القرآن الكريم، لابد من الإشارة إلى انه لا يوجد منهج كامل فكل منهج له ميزته و عيوبه ويرى الدكتور حسن حنفي بهذا الصدد ان منهج تحليل المضمون له ميزته في انه قادر على إعطاء حكم دقيق على النص و مكوناته و مقاصده و بواعثه و تجنب الأحكام المطلقة و تكرار الأخطاء الشائعة، و له عيوبه مثل الوقوع في الصورية واعتبار النص عاملا مغلقا بذاته فوق الواقع و ليس داخلا فيه او خارجا منه، و المنهج التاريخي ميزته انه يبين أ ن ا لنص جزء من مكونات الواقع  و متكونا فيه و هو لسان حال  الواقع ومرآة تعكسه، وعيبه في فقد المكونات الداخلية للنص و بنيته المستقلة.

والمنهج البنيوي ميزته في انه يكتشف المنطق الداخل للنص و بنيته المتحكمة في تكوينه، دون ردها على جزئيتها ،فالكل  سابق على الجزء وعيبه أنه يجعل النص صوريا، سواء في الذهن او في عالم المثل، وأيضا إغفال التجارب التاريخية.

والمنهج الظاهراتي يصف الماهيات ويتجه إلى المعاني و يحلل لغة الخطاب.ويخلص الدكتور حسن حنفي إلى أن منهج تحليل المضمون هو الأقدر على تحليل نصوص علوم الحكمة، بعد استعمال منهج القراءة وهو منهج تأويلي وتحديثي ينقل الماضي إلى الحاضر مع تغير اللغة  ومستوى التحليل وإعادة توجيه القصد،من اجل فهم النص باعتباره تجربة حية في الشعور وهو منهج يعتمد عل تحليل النصوص و ليس الأفكار، و تحليل اللغة وليس المعاني والدخول إلى الفكر عن طريق اللغة و الاتجاه إلى المضمون ابتداء من الشكل.

و اللغة عالم بأكمله: عالم الكلام و عالم العقل و عالم الوجود.و طرائق ادراكية لدقائق المعاني، و قدرة على التجديد والتطور على سنة اللغات الشائعة بين لغات الحضارات ..

ما نريد التأكيد عليه من خلال هذه التوطئة هو أن لكل منهج بحث ،،منطقه وحمولته الفكرية التي تؤثر في مقاربته  الباحث و آليات تحليله مما ينعكس على مواقفه المسبقة، الأمر الذي يؤدي به حتما إلى إصدار أحكام خاطئة حول موضوع الدراسة.

لا مراء  بأن المنهج الإستشراقي العام في دراسة تاريخ القرآن الكريم وعلومه اتسم بمواقف واستنتاجات تخرج عن سياق الموضوعية العلمية لكونها مطبوعة بعدم الدقة ومحاطة بالتعصب الأعمى.

 وفي هذا الصدد يذكر عبد الرحمان بدوي في كتابه " الدفاع عن القرآن ضد منتقديه" بأن القرآن كان هدفا منذ منتصف القرن السابع لهجوم بعض الكتاب، وقد وجه هذا الهجوم منذ البداية يوحنا  الدمشقي ( 650-750م تقريبا) في كتاب بعنوان "الطوائف" لكن أول هجوم مفصل على القرآن ورد في كتاب نيكتاس البيزنطي تحت عنوان: "نقد الأكاذيب الموجودة في كتاب العرب المحمديين"، وكان هذا الكتاب متداولا في النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي.

ورغم أن أول ترجمة للقرآن إلى اللغة اللاتينية تعود الى القرن الثاني عشر الميلادي على يد روبير كيتون(Robert de Kettan) بتوصية من رئيس دير كلوني (Cluny) في طليطلة بطرس الموقر، فإن علماء اللاهوت المسيحي قبل القرن السابع عشر الميلادي كانوا لا يرون أ ن القرآن جدير بالدراسة.

 لقد أطلقوا على القرآن جميع الأوصاف والنعوت الشائنة و القدحية وحاولوا النيل من جوهر القرآن وتاريخه وذلك، قبل ترجمته ترجمة كاملة، وكل ما كان بين أيديهم بعض الأجزاء المبتورة و الشهادات المغرضة.

 

 

يتواصل............

 مناهج المستشرقين في دراسة القرآن الكريم(2/4)/أحمد بابانا العلوي

السراج TV