بين هجرة الدعاة وهجرة البغاة/صلاح سلطان |
الأربعاء, 22 أكتوبر 2014 11:18 |
هجرة الدعاة رحمة للعالمين: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"(الأنبياء:107)، وهجرة البغاة لعنة على أهل الأرض أجمعين: "وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ"..(البقرة: 205). هجرة الدعاة إحياء لموات القلوب:"اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ"..(الأنفال:24)، وهجرة البغاة قتل الشرفاء، وهتك الأعراض، وسلب الأراضي. هجرة الدعاة قيادة الناس من عقولهم وقلوبهم نحو الهداية والرشاد، أما هجرة البغاة فقيادة الناس بالسلاسل والحديد والنار والسيف البتار نحو الغواية والفساد والقهر والاستعباد. الدعاة يهاجرون من أرضهم ليعمروا أرضًا أخرى بنور الله تعالى يحركهم قوله تعالى: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ......."(الأنعام: 122)، أما البغاة فيهاجرون من أرضهم كي يلتهموا أرضًا أخرى يحركهم الشيطان والهوى كما قال تعالى: "إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ."..(ص:23-24). الدعاة أينما تحركوا يخافون الله ويلتزمون الأخلاق الراقية عاملين بقوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" "إسناده صحيح أو حسن"، أما البغاة فيلتزمون قِيم مجتمعهم فإذا خرجوا لغيره عاثوا في الأرض فسادًا مثل "الفويسقة" تضرم على أهل البيت بيتهم، وهي الفأرة لا تخرج من جحرها إلا للإفساد. حركة الدعاة هي ترويض عباد الله ليعبدوا ربهم ويحسنوا إلى خلقه ويعمروا دنياهم ويصلحوا آخرتهم، أما حركة البغاة فهي إذلال عباد الله تعالى، وتخريب أخلاقهم، وتدمير منشآتهم، وإفساد آخرتهم. أرقى مثال لهجرة الدعاة ما تحرك به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى المدينة ثم إلى الشام ومصر والعراق والهند والسند وبلاد ما وراء النهر وبلاد المغرب العربي والأندلس والقسطنطينية، أما هجرة الأمريكان فهي قمة البغي والظلم والعدوان على الأبرياء، حيث جاء آباؤهم من أوروبا ليقتلوا أكثر من 150 مليون هندي، ويُبيدوا سكان أمريكا الأصليين، والآن تتحرك في العالم كأنه "عزبتها" الخاصة؛ تأمر وتنهي والعبيد يبادرون للاسترضاء أيهم ألين وأسرع للسيد المطاع، وينهبون البترول والمعادن النفيسة والعقول الفذة ويسيطرون على منافذ الدول، ويُلقون الحِمم على الأبرياء والمساجد في أفغانستان والباكستان و..، ويدعمون فريقي الصراع في العراق واليمن و... ولو وقفنا أمام هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وتقديره لأبناء يثرب بكل طوائفهم فآخى بين الأوس والخزرج والمهاجرين والأنصار وعاهد يهود بني قينقاع والنضير وقريظة، فلما نقضت بنو قينقاع عهدها حاربها وحدها لبغيها ولم يمس بقية قبائل اليهود، حتى إذا عاود يهود بني النضير نزقهم وبغيهم، وهمَّوا باغتيال النبي صلى الله عليه وسلم حاربهم وحدهم دون مساس ببني قريظة أبناء ملتهم، فلما غدرت بنو قريظة بالمسلمين وتحالفوا مع المشركين قتلهم عن بكرة أبيهم، فكان العدل ميزان الحكم، والفضل خُلق الدولة الإسلامية، أما صهاينة اليهود فقد قذف بهم الغرب بين أحشاء العرب ليصنعوا مغصًا دائمًا، وسرطانًا قاتلاً، ووباءً ماحقًا؛ فقتلوا وجرحوا وأسروا ودمروا ونهبوا، ويسعون بكل حماقة وجدية إلى تهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى، وطرد العائلات من بيوتهم في وضح النهار وظلمة الليل في بغي منقطع النظير، ومساندة مفتوحة ومفضوحة من صاحب جائزة نوبل للسلام "يا سلام"، وصمت مشوب بالعمالة من أنظمة عديدة، وخيانات بالجملة ممن باعوا الأوطان للبغاة وحاربوا الأبطال الدعاة. ومع كل هذا البغي وتلكم المآسي فلا ييأسن مسلم أو مسلمة أبداً من انتقام الله تعالى من هؤلاء البغاة ونصرة الدعاة، ولابد من اليقين أن للبغاة جميعاً يوم ينزل فيه سوط عذاب، وأشد عقاب وسيبقى الدعاة في حفظ من الله كما حفظ نوحًا ولوطًا وموسى ومحمدًا ومن آمن وهاجر معهم: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء:227)، فلنكن بحق دعاة ولننتظر وعيد الله في البغاة: "وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ" (الأعراف:183). المصدر : موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين |