أخرقتها لتغرق أهلها....؟/الطيب الناجي
الجمعة, 24 أكتوبر 2014 12:24

كثيرا ما نغفل عن تذكر وتفهم حقائق كثيرة حتى يدهمنا الطوفان..فمستوى الجرائم في تطور مطرد حتى إنه يمكن وصف الجرائم التي تحدث في هذا المجتمع بالجرائم النوعية.

إن حادثة حي بغداد في انواذيبوا بدمائها النازفة وصورتها الغامضة .. وأخبار الجرائم التي سبقتها...وموجات الإلحاد والتطاول على الدين  وحملات التضخيم الإعلامي ..والجري وراء السبق الصحفي  تجعلنا نشفق على مجتمعنا من الغرق في حضيض مستنقع الانحطاط الأخلاقي ونطلق الندءات التالية علها تجد صدى  :

1 - إلى العلماء بما استحفظوا من كتاب الله

أيها العلماء...

أنتم أمل هذه الأمة وأنتم صمام أمانها وغيابكم عن التوجيه يعني اتخاذ الناس رؤوسا جهالا... بل يعني تخبطهم في ظلمات الجهل والغواية ،ومهما بدا لكم أن الناس سادرة في متعها مشغولة  بمتاعب  حياتها الدنيوية فإن ذلك غير صحيح بل إن المجتمع  يحتاجكم وسيرجع إليكم في يوم من الأيام ولو للصلاة على موتاه ودفنهم في مقابر المسلمين......

إن تلهف جماهير الأمة للسؤال عن الأحكام الشرعية ومعرفة موقف الإسلام من كل شاردة وواردة دليل على حياة الإيمان في قلوب هذه الأمة ...

فلتتقدموا ولتنيروا للناس الدرب ولتتحملوا مسئولياتكم في الدعوة إلى الله تعالى وهداية الناس إلى الخير وتعليمهم الدين وإبعادهم عن مستنقع الجريمة

2 - إلى الأئمة والدعاة ..."لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر....."

 أنتم أيها الأئمة وأنتم أيها الدعاة ...

مهمتكم الأولى هي الدعوة إلى الله عز وجل ....المجتمع يغرق فأنقذوه.....لا يقبل تهاونكم ولا تأخركم ولا عذر لكم بفقه الأولويات ...  والأخلاق تنتهك ومنسوب الإيمان يتناقص في المجتمع..فلتقوموا لله ولتقيموا الحجة على عباد الله ولتحيو فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة الناس.

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم فرائض الإسلام بل إن بعض العلماء جعله ركنا سادسا يلحق بالأركان الخمسة . وقد ربط الله سبحانه وتعالى خيرية هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله.......)

وقال : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون على المنكر وأولئك هم المفلحون )

فالهداية إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من آكد المؤكدات وأوجب الواجبات... وهي كالمصلحات لهذا المجتمع لا يقوم إلا بها ولا ترسو سفينته على بر الأمان بدونها .

لهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجتمع بالسفينة فقال : (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا.)البخاري

فأهل الذنوب والمعاصي وأهل الشهوات الحسية والمتع لا يفكرون إلا في ذواتهم (لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا) هكذا يحسبون الأمر وهكذا يقدورنه لا يفكرون أن هناك مجتمعا توبقه المهلكات وتفتك به الرذائل وتضر به النزوات الفردية .

3 - إلى الآباء   "قوا أنفسكم وأهليكم نارا.."        

لقد عد النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الباقية التي تبقى بعد الإنسان(... ولد صالح يدعو له ) فأين سعينا لهذه الأمر ؟

إن مهمة الأباء لا تتوقف عند إنجاب الأبناء وتوفير الغذاء والدواء

ووجود المدرسة والمحظرة والمسجد لا يغني عن وجود الأسرة،فهي النواة التربوية الأولى وفيها يفتح الطفل عينيه على هذا العالم ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.....)

وقد تضاعفت مسئوليات الأسرة في هذا الزمان بفعل كثرة المشغلات والمدمرات الأخلاقية.

ولو أن ألف بان خلفهم هادم كفى**** فكيف ببان خلفه ألف هادم

 صحيح أنه بفعل التطور التقني لم يعد بالإمكان حجب الفضائيات بالنسبة للسلطات المتقدمة أحرى بالنسبة للأشخاص خصوصا إذا ما تحدثنا عن مراهقين يمتلكون ناصية التحكم الإلكتروني ولكن ذلك لا يقعدنا عن مطالبة الآباء بمراقبة أبنائهم خصوصا في السنوات الأولى قبل أن تتشكل ذائقة الطفل .

وبالتالي فلا بد من نوع من الرقابة الإيجابية أو لنسميها الرقابة المرنة على ما يشاهد الطفل فينبغي مراقبة ما يشاهده في الفضائيات ومنعه من الادمان علىيها أو مشاهدتها لوقت طويل.

 فمشاهد العنف والقتل وأفلام الرعب وصور التفسخ وأفلام الكرتون المغايرة لثقافتنا –كليا- كلها تضع بصماتها في تشكيل شخصية الطفل وبناء تصوره للكون والأشياء من حوله أو على الأقل تساهم في إفساد ذوقه وقتل براءته الطفولية وتغيير فطرته.

4 -إلى المسئولين في الدولة...."إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"

ومن هنا يأتي دور الدولة في إشاعة الخير والقيم النافعة وتشجيع الدعوة إلى الله  وإبراز النماذج والقدوات الصالحة ، والعناية بالتعليم من خلا ل تأكيد حضور التربية الإسلامية في المناهج الدراسية بشكل فاعل .

ولا يتوقف دور الدولة هنا في الجانب التربوي بل لا بد من استعمال سلطة الدولة في محاربة الجريمة وأوكار الدعارة  وجماعات المخنثين وملثمات الشوارع وشبكات تهريب البشر والاتجار بالفتيات .

5- إلى أهل الإعلام " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوه...."

وهي كلمة لا بد منه للأخوة العاملين في المجال الإعلامي :

إن مما ينبغي إصلاحه الوسيلة الإعلامية الصادقة فالإسلام من كرهه للفاحشة وتشنيعه بها أن جرم مجرد ذكرها والحديث عنها ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا ولاخرة .......)

ونحن نعلم تمام العلم أن دور الإعلام مهم في كشف الحقائق وأنه ليس إلا تصويرا للواقع  كما هو وأن السخونة والسبق الصحفي مطلب كل إعلامي وأن المجتمع لا يمكن أن يقوم بدون رقابة الإعلام .

ولكن ذلك لا يعفينا من استحضار المسؤولية الشرعية وخطر الكلمة ( ...أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق....) جزء من حديث في صحيح البخاري  (إن الرجل يتكلم الكلمة من سخط الله م يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا....)جرء من حديث متفق عليه

فلا بد من تحري الصدق فيما يتعلق بأعراض الناس وما يتعلق بنشر أخبار الجرائم والابتعاد عن التهويل والإثارة بقصد جلب القراء والمتابعين.

ولا يقتصر الأمر هنا على الإعلام بمعناه الحرفي بل إن مواقع التواصل الإجتماعي  هي الأخرى تلعب نفس الدور .والصبغة الذاتية فيها تجعل المسئولية أكبر على أصحابها إذ لا يمكن مراقبتهم ولا متابعنهم قانونيا وإنما هي رقابة الضمير واستحضار خشية الله تعالى .

أخرقتها لتغرق أهلها....؟/الطيب الناجي

السراج TV