ثورة الآل والأصحاب عليهم السلام/مختار نافع
الأحد, 02 نوفمبر 2014 17:07

تحل غدا ذكرى استشهاد أحد أنبل الثوار وأشرفهم وأفضلهم نسبا وعملا وجهادا: الحسين بن أسد الإسلام علي رضي الله عنه وابن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء خير نساء العالمين على أحد الأقوال عليها وعلى أبيها أفضل الصلاة والسلام.

وللتذكير جاءت ثورة الحسين رضي الله عنه ضمن هبة هائلة واجه بها شباب الصحابة وأبناء الصحابة رضوان الله عليهم بداية الملك العاض في هذه الأمة،ثم واصل بعدهم مدة قرن أو يزيد جيل التابعين وفقهاء الأمة العظام الثورة واستشهد وأوذي في هذا المعمعان أعلام من أفضل سلف هذه الأمة.
هذه الثورة شوهها طائفتان تشويها غريبا: أولهما عامة الشيعة إن لم نقل جميعهم الذين ربطوا ثورة الحسين ببدع ما أنزل الله بها من سلطان أبسطها أنها تجعل من البيت النبوي الشريف بيتا كسرويا لاهوتيا يتوارث رقاب الناس وكأن الحسين عليه السلام خرج ليزيل ملك بني أمية ويقيم ملكا لبني هاشم.
الطائفة الثانية هي فقهاء السوء والسلاطين وأئمة الخنوع من أهل السنة الذين سعوا لطمس كل هذا الجهاد المبارك ليحلوا محله فقها صيروه بعد ذلك عقيدة بوجوب الاستكانة و "حب أئمة المسلمين" حتى لو ضربوا الأبشار وأخذوا الأموال،وضرورة الدعاء لهم أن يديمهم الله على ظهورنا وظهور أبنائنا وأحفادنا.
أحسب أنه من المناسب في هذا الزمن الثوري الجهادي المبارك العودة إلى ذلك المعين الأول وتلك الثورة السلفية المباركة للاقتداء بما سطرته بصفائح السيوف وصحائف الكتب على جبين التاريخ الناصع و"الفقه اللاهب".

1- معارضة توريث يزيد
لما بدأ معاوية رضي الله وعفا عنه التهيئة لتوريث الخلافة ليزيد عليه من الله ما يستحق انطلقت المعارضة الشديدة لهذه البدعة من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة شباب الصحابة وخاصة من المهاجرين أمثال الحسين بن علي رضي الله عنهما وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق الذي قاطع مروان بن الحكم أمير المدينة حين قال في خطبته "إن أمير المؤمنين رأى أن يستخلف عليكم ولده يزيد سنة أبي بكر وعمر " قائلا" بل سنة كسرى وقيصر إن أبا بكر وعمر لم يجعلاها في أولادهما ولا في أحد من أهل بيتهما"
2- ثورة الحسين وامتداداتها من ثورات الأشراف 
3- ثورة أهل المدينة
فلما توفي معاوية رضي الله عنه وتولى يزيد الملك العاض قامت الثورات في وجهه لاسيما أنه كان سيئ السيرة وكانت من أوائل الثورات في وجهه ثورة أهل المدينة بقيادة عبد الله بن حنظلة ابن الصحابي الأنصاري الأوسي الجليل حنظلة الغسيل شهيد أحد ومعه التابعي القرشي عبد الإله بن المطيع،فأرسل لهم يزيد مليشياته الشامية بقيادة "مجرم" بن الوليد -اسمه مسلم ولكن صار العلماء يسمونه مجرما لبطشه بأهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأوقع بهم مجزرة عظيمة اسشتهد فيها من الصحابة وأبنائهم والتابيعن خلق كثير وسميت وقعة الحرة سنة 63 هجرية.
4- ثورة ابن الزبير رضي الله عنه
رفض عبد الله ابن الزبير ابن العوام رضي الله عنهما بيعة يزيد وانحاز إلى مكة حيث بايعه أهلها فلما فتك يزيد بثورة الحسين وثورة أهل المدينة وجه إليه "مجرم بن الوليد" الذي كان من يزيد بمثابة الحجاج من عبد الملك بن مروان فحاصر أهل مكة حتى توفي يزيد فتداعى عدد من الأمصار لبيعة ابن الزبير (الحجاز والعراق واليمن) بدل مروان بن الحكم الذي حل محل يزيد بن معاوية لكن الانتقال السريع للملك الأموي إلى عبد الملك بن مروان وبروز الجزار الحجاج بن يوسف أدى إلى سحق ثورة بن الزبير واستشهاده في حرم الله المشرف على نحو ما هو معروف
5- ثورة الفقهاء (نعم ثورة الفقهاء)!!
كان علماء الأمصار من التابعين ممتعضين جدا من سلوك بني مروان ويدهم الباطشة الحجاج بن يوسف وكانت نفوسهم تختزن الثورة بسبب ما اقترفه الحجاج في الحرم المكي أيام قمع ثورة الصحابي بن الزبير فحدث أن أحد أمراء الحجاج "عبد الرحمن بن الأشعث" كان يقود جيشا غازيا في بلاد الكفر وكان الحجاج يخاف من طموح مساعده فأمره أن يتوغل في بلاد الأعداء عكس ما يقتضي التخطيط العسكري السليم وذلك لكي يتخلص منه فطرح ابن الأشعث الأمر على الجيش فقالوا إنهم لن يطيعوا "عدو الله" الحجاج وكان ذلك شرارة ثورة عارمة فجرت ما كان في النفوس من غضب على الحجاج ولأن هذا الجيش كان قوامه من أهل العراق ومن ضمنه كتائب من قراء العراق وعلمائه الأجلاء تحول الأمر إلى ثورة على تعسف بني أمية وطغيان جيوشهم الشامية فتخلوا عن بيعة عبد الملك بن مروان وعادوا إلى مدنهم في العراق (البصرة والكوفة بالأساس) وأخرجوا منها الحجاج وقاتلوه قتالا شديدا وكانت كتائب القراء التي في الجيش من أشده حماسة وكان شعارهم "يالثارات الصلاة" احتجاجا على تأخير الحجاج الدائم للصلاة ولكن هذه الهبة المباركة سحقت تحت مكر الحجاج ووحشيته في آخر معركة من معاركها التي ناهزت الثمانين معركة وهي معركة "دير الجماجم" سنة 83 هجرية.
ومن العلماء الأجلاء الذين شاركوا في هذه الثورة سعيد ابن جبير الذي قتله الحجاج بعدها صبرا!! وعامر الشعبي وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومئات غيرهم
6- ثورة الفقيه المحدث أحمد بن نصر الخزاعي شيخ الإمام البخاري ووجهها السلمي أحمد بن حنبل رضي الله عنه
ثار هذا المحدث السلفي العظيم ضد فرض بدعة خلق القرآن على الناس بقوة السيف على يد العباسيين فخلع بيعة الواثق بن المعتصم بن هارون الرشيد وبدأ الناس يبايعونه سرا للثورة على طغاة بني العباس لكن امره انكشف مبكرا فأخذه الواثق وطلب منه أن يقول بخلق القرآن فأبى فقتله رحمة الله عليه وكان ذلك سنة 231 هـــــ
قال عنه الامام أحمد بن حنبل "رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه لله"
وأحمد بن حنبل رضي الله عنه كان هو أيضا الجانب السلمي للثورة ضد القول بخلق القرآن فقد أوذي 18 سنة بالسجن والتنكيل والتعذيب ليقول إن من حق "أمير المؤمنين" مصادرة عقائد الناس وإجبارهم على القول على الله بما لا يعتقدونه فأبى وجاد بنفسه لله أيضا ولكن بالتقسيط!!
فقد تعاقب على إيذائه ثلاثة ملوك: المأمون والمعتصم والواثق وظل صابرا على التعذيب والسجن والمضايقة وانحنت الأمة كلها تحت سياط بني العباس إلا جلد أحمد بن حنبل النحيل الواهن رحمه الله من شهم!! ثم يجيئ اليوم من يريد أن يفرض علينا باسم مذهبه مهادنة الطغاة.

ثورة الآل والأصحاب عليهم السلام/مختار نافع

السراج TV