دهس المواهب/محمد سعيد با
الثلاثاء, 18 نوفمبر 2014 15:23

في محاضرة افتتاحية تاقشنا -أنا وطلابي- اليوم إشكالية إطلاق القدرات العقلية ومعوقاتها لاتخاذ ذلك مدخلال لدراسة مادة "فلسفة التربية"، وتواردت الخواطر واتسعت دائرة الحوار حتى رسونا على تخوم الواقع المرير.

ولشرح أبعاد المأساة التي نواجهها في هذا الصدد نعرض قصة عالم مصري علي وشك أن يحرم المجتمع المصري، كما يتكرر ذلك كثيرا فيها وفي غيرها من بلدان العالم الإسلامي، من بركات ما آتاه الخالق الواهب من عقل لماح وفكر جواب لآفاق المعرفة.

إليكم عصارة القصة ثم نعقب عليها ببعض الملاحظات :
في الوقت الذي يحتفل فيه الأوروبيون ومن خلفهم العالم بمن حقق لهم إنجازا حضاريا فريدا بإرسال مسبار بني بكد العقول وحشد المواهب وإنفاق سخي وهادف للمال العام، إلى مذنب "شيرموف جيراس منكو" لأول مرة في التاريخ العلمي المحفوظ، في هذا الوقت قام المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمدينة حلوان في جمهورية مصر، بفصل العالم الفيزيائي النابغ د. أحمد الشافعي الذي شارك باقتدار في هذا الإنجاز التاريخي الذي صفق له العالم، لأسباب أوهي من بيت العنكبوت.
يحدث هذا في ديارنا ثم نتساءل أو نستغرب أن يتفوق الآخرون علينا!
فهم يتحركون باقتدار ويقيسون لأقدامهم موطئها ويحددون لأبصارهم مساراتها، يمضون تجاه المستقبل (ونحن محبوسون في أضيق سجون التاريخ)، إذا حلقوا في الآفاق العليا باحثين عن العلل والسنن لإخضاع عناصر الكون لمطالب شعوبهم الحياتية، ظللنا نزحف.
فإذا تبرعمت طاقة استثنائية خلاقة في ركن قصي من جامعاتنا ومؤسساتنا الأكاديمية أو البحثية التي لم تعد تصلح لدخول أي تصنيف عالمي جاد ومحترم، سارع الحمقي ومن باعوا ضمائرهم لإبليس وجنده من قياداتنا إلي تحطيمها ودهسها بأثقل الأرجل.
الحقيقة المرة أن ليس الآخرون أوقد عقولا منا ولا أذكي أفئدة لكنهم وجدوا تلك البيئة الحاضنة فتفتقوا وأينعوا وجنت أممهم ثمار غراسهم، وأما في ديارنا المنكوبة بقيادات هزيلة العقول سقيمة الأخلاق مغشوشة الولاء فنضيق ذرعا بكل عنصر ناهض صالح لبناء غد مشرق.
نحن اليوم نخوض معارك في جبهات متعددة: ترميم العقائد، إصلاح القيم، إعادة اللحمة بين الروح والعقل، بتر يد السوء الباطشة بنا ..، وفي هذا الخضم نحتاج إلى تخصيص جزء كبير من الجهد للحفاظ على القدرات العقلية باعتبارها عمادا من أعمدة رفع رايتنا في الحراك الحضاري المحتدم.

                                                              المصدر : صفحة الكاتب على الفيس بوك 

دهس المواهب/محمد سعيد با

السراج TV