5- عضل المرأة :
ومن الظلم للمرأة: عضلها عن الزواج ممن ترضى دينه وخلقه وترغب في الزواج منه ، يقول المولى تبارك وتعالى {ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}( سورة البقرة : 232)
وقد نزلت هذه الآية في أخ منع أخته من الرجوع إلى زوجها السابق بعد أن انتهت عدتها منه، فعن معقل بن يسار أنها نزلت فيه، قال: "زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها ؟ لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلاً لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية {فلا تعضلوهن..} فقلت: الآن أفعل يا رسول الله ، قال فزوجتها إياه"( ).
فلذلك إذا عضل الولي وامتنع من التزويج ، زُوجت رغم أنفه إقراراً للحق ورفعا للظلم ، وإلى ذلك أشار خليل في مختصره بقوله: وعليه الإجابة للكفء ، وكفؤها أولى ، فيأمره الحاكم -يعنى بتزويجها- ثم زوج -يعنى الحاكم- ، ولا يهمنا هل تنتقل الولاية عند العضل من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد ، كما يرى ابن عبد السلام ، أو تتخطاه إلى الحاكم مباشرة كما في التوضيح تبعا للمدونة( )، إنما الذي يهمنا هو أن هذا العضل ظلم من الظلم الذي وقع على المرأة والذي له آثاره السيئة في المجتمع ، والذي يجب رفعه عنها مهما بلغت وطأة التقاليد.
6-الطلاق في غير الوقت لشرعي :
ومن الظلم للمرأة: الحيف على المرأة بطلاقها في غير الوقت الذي أذن الشرع فيه ، والطلاق المأذون فيه أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، ويشهد شاهدين ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء»( ) يعنى قوله تعالى {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعــدتهــن}.
وهو ظلم لأن الصورة التي أباح الشرع فيها الطلاق تفرض على الزوج أن يتريث قبل إيقاع الطلاق وأن يتروى وأن ينتظر بعض الوقت، وفي الفترة التي يفرضها الواقع الشرعي قبل تنفيذ الطلاق تهدأ ثائرة الغضبان ، ويعود التفكير العقلي المتزن ليطرد الانفعال العاطفي الأهوج ، وبالتالي فإن نسبة كثيرة من الطلاق الذي يقع في غيبة التقيد بحدود الشريعة سوف تتلاشى عندما يتم الالتزام بحدود الله.
والفقهاء مختلفون في الطلاق الواقع في غير الوقت الذي حدده الشارع هل يقع لعموم أدلة الطلاق أو يرد لأن «من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد»( ) وفي رواية «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»( ) ، وممن رجح وقوع الطلاق البخاري في صحيحه( )، وممن رجح عدم وقوع هذا النوع من الطلاق ابن حزم في المحلى ، وابن تيمية، وأطال ابن قيم الجوزية في استعراض أدلة الطرفين ورجح عدم الوقوع( ) ، وتبعه الأمير الصنعاني ، وألف في ذلك رسالة سماها (الدليل الشرعي في عدم وقوع الطلاق البدعي)( ) وسبقهم إلى ذلك طاووس وخلاس بن عمرو فقد كان طاووس لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق ووجه العدة ، وكان يقول وجه الطلاق أن يطلقها طاهرا من غير جماع وإذا استبان حملها .
وقال خلاس ين عمرو في الرجل يطلق امرأته وهي حائض لايعتد به .
7- إخراج المطلقة :
ومن الظلم للمرأة: إخراجها وعدم تسكينها وحرمانها من الحق الذي أعطته لها الشريعة الإسلامية في فترة العدة ، يقول تبارك وتعالى {وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ، لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}( سورة الطلاق : 1)
قال ابن جزي( ): نهى الله سبحانه وتعالى أن يخرج الرجل المرأة المطلقة من المسكن الذي طلقها فيه ونهاها هي أن تخرج باختيارها ، فلا يجوز لها المبيت خارج بيتها ، ولا أن تغيب عنه نهارا إلا لضرورة التصرف وذلك لحفظ النسب وصيانة المرأة ، فإن كان المسكن ملكا للزوج أو مكترى لزمه إسكانها فيه ، وإن كان المسكن لها فعليه كراؤه مدة العدة ، قال تعالى {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}( ) قال سعيد فإن لم تجد إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه( ).
ولا يهمنا هنا أن نفصل القول في القضايا الفقهية المتعلقة بهذا الموضوع ، وإنما نشير إلى أنه " اتفق العلماء على وجوب النفقة في العدة للمطلقة الحامل ... سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا واتفقوا على أن للمطلقة غير الحامل النفقة في العدة إذا كان الطلاق رجعيا . " ( ).
8- عدم إعطائها أجرة الرضاع :
ومن الظلم للمرأة: عدم إعطائها أجرة الرضاع والله تبارك وتعالى يقول: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وائتمروا بينكم بمعروف}( سورة الطلاق 6) : أي إذا وضعن حملهن وهن طوالق فقد بن بانقضاء عدتهن ، ولها حينئذ أن ترضع الولد ، ولها أن تمتنع منه ، ولكن بعد أن تغذيه باللبؤ، وهو باكورة اللبن الذي لا قوام للمولود غالبا إلا به فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ، ولها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة، يقول الله تبارك وتعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده}( سورة البقرة 233): يعني تعالى ذكره بقوله وعلى المولود له: وعلى آباء الصبيان للمراضع رزقهن، يعني رزق والدتهن يعني بالرزق ما يقوتهن من طعام، وكسوتهن يعني الملبس ويعني بقوله بالمعروف، بما يجب لمثلها على مثله.
وعلى أن المراد بهذه النفقة والكسوة أجرة رضاع الولد أوجبها الله للأم على الوالد ابن العربي( ).
9- التسمين القسري(لبلوح) :
ومن الظلم للمرأة ظلمها بمحاولة التسمين (لِبلُوحْ) بطرق غير صحية تؤدي في كثير من الأحيان إلى إصابتها بأمراض السمنة وهي أمراض خطيرة لا يزال الأطباء يحذرون منها. يقول الطب: السمنة في الواقع مرض بشع يحد من إمكانات الفرد ونشاطاته بشكل كبير، كما يؤهب أو يشارك بعض الأمراض الخطيرة كاحتشاء العضلة القلبية وخناق الصدر والداء السكري وفرط توتر الدم وتصلب الشرايين( ).
ويقول الطب أيضا: " إن السمين لا يتمتع بالكفاءة الجسمية للشخص الطبيعي، فهناك قصور أو اضطراب في الوظائف التنفسية يصل في السمنة الشديدة إلى درجة إحداث ضيق النفس الشديد بسبب انتفاخ الأسناخ الرئوية ونقص مرونتها مما يؤثر في الهواء الجاري، أي المستنشَق والمزفور، وتنقص القدرة على أخذ كميات إضافية من الهواء حين بذل الجهد، كما هو الحال عند الشخص العادي"( ).
ويقول الطب أيضا: " ‘ن السمنة تؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في كمية دهنيات الدم .. معنى ذلك ببساطة احتمال أكبرلحدوث حالة تصلب الشرايين .. وارتفاع ضغط الدم واحتمال كبير في الإصابة بمرض السكري .
استعداد لحدوث تصلب شرايين القلب بالذات ..
السمنة الشديدة تؤدي إلى مضاعفات في كل أعضاء الجسم إنها تسبب الاضطرابات النفسية .. واضطرابات في التنفس حيث يشكو الشخص البدين من النهجان .. فالبدانة الشديدة تقلل من القدرة الحيوية في الرئتين مما يؤدي في النهاية إلى هبوط أيمن في القلب .
أما بالنسبة للجهاز الهضمي فمتاعب المرارة معروفة .. أما الحجاب الحاجز فقد يصاب بالفتق . "
تلك أضرار خطيرة تجعل من عملية التسمين القسري ظلما للمرأة حتى ولو بدت –في ظاهر الأمر - عدلا ومصلحة
و هناك صور أخرى من الظلم تعانيها المرأة في مجتمعنا .
والحمد لله رب العالمين
المصدر : صفحة الشيخ على الفيس بوك