قرأت مرة لكاتب عظيم يرسم الفصول الحية لحياة الايمان ويصف بدقة حاذقة ماذا يعني الانتماء للاسلام وأدركت أن كل جزئية من هذا البنيان الفريد يمكن ان تجسد الاسلام تجسيدا يجعل صاحبها يحس بسعادة الطاعة والامتثال لأوامر الله , فالفرد في ذاته قادر على أن يتمثل الإسلام تصورا و منهجا وسلوكا . والبيت كدائرة أوسع يستطيع أفراده عن طريق الالتزام بتشريعات الإسلام وقيمه من وضع الأسس الصالحة وفهم الوظائف و المقاصد و استحضار المكارمة و الفضل و البذل في سبيل التنشئة الراشدة , نعم يستطيعون أن يحيوا معالم الإسلام في نفوسهم وفي بيتهم وذلك عن طريق اتباع نظام شامل يصحح التصور ويجمع العلم ويقوم السلوك .. والأمر بقرار يصحبه عزم و اصرار , ويعضده جهد متواصل لا يرضى بما دون المروم ..
الأب في البيت الملتزم يعي معنى القوامة ويعرف سر الأبوة ويراعي حقوق الزوجية ويستوصي بأهله خيرا . والأم في هذا البيت راعية ومسؤولة عن رعيتها .. تجيد حسن التبعل و تربي جيل الصدق و التمكين .. في هذا البيت تحترم مواقت الصلاة و يؤمن الجميع أنها عماد الدين فلا يضيعونها أبدا .. أهل هذا البيت يتناهون عن قول الزور و أكل الحرام , يوقرون الكبير ويرحمون الصغير و يتعاونون على البر والتقوى.
في البيت الملتزم يتعود الأطفال على تلاوة القرءان وتعهد الأدعية و يتدربون على قول الحق وحسن الخلق ويتعلمون معنى الانتماء للوطن والأمة فتكبر في نفوسهم قضايا الأمة فيعيشون آلامها و ينسجون آملها .. يدركون أن الحق أمانة و العمل مسؤولية والعلم والإيمان زاد على الطريق , يحترمون الوقت ويحرصون على النافع و يحبون الخير للناس.
البيت المسلم ليس بيتا في المدينة الفاضلة خاليا من المشاكل أوبعيدا عن العوائق و التحديات وخاصة في ظل عصر العولمة و الفضاء المفتوح الذي لا تسد في وجهه الأبواب بل يتسلل غثه قبل سمينه إلى الرضع و الركع وذوات الخدور.. ناهيك عن اليافعين و المشاركين و اللاهين . ولكنه بيت يدرك ذاته ويستشعر مسؤوليته وأمانته في هذا الواقع الصعب و يعقد عزمه على الثبات و الصمود
و يستفيد من تلك الوسائط في تطوير أساليب الحياة و تنويع وسائل التربية و ترتيب أولويات أهدافه المرسومة .
د. المفيدة بنت سيد المختار