من خطب الجمعة: كيف نستغل العطلة الصيفية؟

سبت, 08/08/2015 - 10:47
الشيخ سيد محمد حيلاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
* اما بعد : أخوة الايمان :اعلموا أن العمر رأس مال المؤمن عليه أن يحافظ عليه ولا يضيعه ، فأول ما سيسأل عنه العبد يوم القيامة عمره فيم أفناه؟ ففي الحديث المشهور:(لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع :

عن شبابه فيم أبلاه ،وعن عمره فيم أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به). فالعمر أيام وسعاعات ودقائق:[دقات قلب المرء قائلة له**ان الحياة دقائق وثوان] ، يقول الحسن البصري رحمه الله(مأنت الا أيام مجتمعة فإذا ذهب يوم ذهب بعضك)، ولذالك كانت توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم واضحة في هذا المجال عند ما قال:(اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك،وصحتك قبل سقمك،وغناك قبل فقرك،وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك). لذلك فالكثير منا ومن شبابناتضيع عليه أيام عمره فيما لاطائل من ورائه فيلهث وراء أصحاب السوء الذين لاهم لهم الا أن يشغلوه عن الصلاة في الجماعة ،عن حضور حلق الذكر والعلم لذلك جاء التحذير من تضييع الوقت في الحديث:(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).

*عباد الله: لايدرك قيمة الوقت والعمر وأنه رأس مال المؤمن الا من مات وندم على ما فرط وضيع من وقته حيث لات مندم ، ويتمنى لو أتيحت له الفرصة ليعود الى الدنيا :ليذكر الله مخلصا، ليستغفر الله، ليتصدق ، ليصلح من عمله وطاعته، لكن هيهات ان يعود(قال رب ارجعون  لعلي أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون) (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني الى أجل قريب فأصّدّق وأكن من الصالحين ولن يوخر الله نفسا اذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون).

*فالكثير من شبابنا اليوم الا من رحم ربك يضيع وقته والعطل الصيفية فيما لافائدة فيه : في القيل والقال ،واضاعة المال، والرفث واللغو والغيبة والنميمة ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي ، والهواتف الذكية وغير الذكية ، فتضيع الحقوق والواجبات ، حقوق الله وحقوق العباد(الصلاة لوقتها في الجماعة حقوق الوالدين والأرحام...)فالعطلة الصيفية اما أن تستخدم في الخير ، أو تستخدم في الشر.

*أيها الأحبة: نحن في هذه الأيام نعيش أجواء الراحة ، أجواء العطلة الصيفية والكثير منا ومن شبابنا لا يعرف كيف يستغلها استغلالا مفيدا فبينما هو في حيرة من أمره وفي صخب الشباب والأصحاب حتى تنتهي العطلة دون أن يستفيد فيها سورة من القرآن الكريم ، أو حكما شرعيا ،أو علما نافعا أو فائدة تنفعه في الدنيا والاخرة ، ثم يعود الى روتين الدراسة النظامية ان كان من أهلها ،أو يعود الى رتابة الوظيفة والعمل ، أو التسكع في الشوارع ان كان من أهل البطالة والفراغ.

* فعلى كل منا في بداية الاجازة الصيفية أن يطرح على نفسه مجموعة من الأسئلة ،وأن يضع خطةيلتزم بتطبيقها لاستغلال العطلة الصيفة قبل أن يندم على فواتها وضياع عمره الذي سيسأل عنه فيم أفناه؟ - كيف أستغل العطلة ؟ - كيف أحفظ جزءا من القرآن؟- كيف أتعلم مهارات جديده : لغة جديدة معلوماتية.... ،؟؟

***2- أيها الأحباب : لقد أجمع العلماء على أن أفضل ما يتقرب به الى الله هو طلب العلم النافع علم الحلال والحرام علم العبادات والمعاملات علم الدنيا ولآخرة كعلوم الطب والهندسة والصناعات التي هي من آكد فروض الكفايات ففي الصحيحين (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) وفي الصحيح أيضا (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وفي الأثر (من تعلم لغة قوم أمن شرهم) ، وسئل مالك عن رجل سيقتل بعد يوم واحد ماهو أفضل ما يتقرب به الى الله فقال : (طلب العلم) وقال الناظم:(وقدم الأهم ان العلم جم**والعمر طيف زار أو طيف ألم* أهمه عقائد ثم فروع **تربية وآلة بها الشروع)

** ايها الشباب أيها الطلاب ، ايها الأبناء نحن الآن في بداية العطلة الصيفية فعلينا أن نضع خطة وجدولا زمنيا قابلا للتطبيق لأشهر العطلة الثلاثة ونلتزم به أمام الله ونطبقه : يضم ساعات يومية لحفظ القرآن والحديث - وساعات لتعلم العلم النافع - أو قراءة متن من المتون العلمية المقررة في المحظرة- وساعات لتعلم مهارات جديدة(المعلوماتية- السياقة -لغات أجنبية) ويمكن للطالب أن يخصص العطلة كلها للذهاب الى المحظرة ليتقن فنا واحدا وليتعلم من شيخ المحظرة من سلوكه وسمته ودله ..وطبعا لابد للجدول أن يضم أوقاتا للترويح عن النفس والاستجمام والترفيه والفنون الرياضية سواء كانت بدنيه أو ذهنية .

النفس ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية

والنفس كالطفل ان تهمله شب على* حب الرضاع وان تفطمه ينفطم.

فليكن شعارك في العطلة (قضاء اجازتي فيما يخدم مصلحتي) ،ويمكن أن نقترح على الشباب العناوين التالية:

-1-حفظ جزء أو أجزاء من القرآن الكريم ،وحفظ مجموعة من الحاديث.
-2-دراسة وحفظ متن من المتون : في النحو ،أو الفقه ، أو الصرف..
-3- تنمية قدراتك ومواهبك ، وتعلم مهارات جديدة ...

-4- تخصيص وقت دائم للمطالعة:مطالعة الكتب النافعة ووقت لصحبة العلماء والمشايخ والمتميزين.

والحاصل أن العطلة الصيفية فرصة لاتعوض ، وهي أيام من العمر لاتعود فاحرص على اغتنام الفرص واللحظات فيها وحاول أن تخرج من اجازة هذه السنة بمكاسب ونتائج طيبة تنفعك في الدنيا والآخرة ،فأنتم أيها الشباب في مستقبل العمر ،وانتم امل الأمة وأنتم بحاجة الى بناء الشخصية وقدراتها ومواهبها ... وشتان بين شاب ذي مواهب متعددة ومتنوعة يتقن الكثير : فهو ذو علم وثقافة ، يحفظ القرآن ، وملم بعلم الحديث،ويجيد التعامل مع الحاسب الآلي ،يتقن لغته الأم ويجيد لغة حية أخرى فهو مفتاح لكل خير - وبين شاب لايتقن صنع شيء ولا يتعلم شئا ، يتسكع في الشوارع يقضي وقته في النوم ومتابعة الأفلام الهابطة : الفرق بينهما أن الأول استغل أوقات فراغه فيما ينفع ، والثاني أضاعها فيما لافائدة فيه *.اللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

 

(ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)

 

الشيخ سيد محمد حيلاجي