متى تقدم استقالتك من العمل الدعوي؟!

ثلاثاء, 09/15/2015 - 17:01

كتب : علاء أحمد

 العمل الدعوي والتربوي من واجبات الداعية المسلم؛ لخدمة دينه وأمته للرقي بها من مهالك الضلال إلى نور العلم والفهم والإيمان، ويتطلب هذا العمل جهداً ووقتاً كبيرين؛ حتى يحقق الداعية نتائج ملموسة على أرض الواقع، فقد يستغرق ذلك شهوراً أو سنوات.

لكنّ السؤال المطروح هل يصل الداعية أو المربي سواءاً أكان جندياً أم قيادياً، لمرحلة قد يقدم فيها استقالته من العمل الذي يقوم به؟ ولا أعني بهذا ترك العمل بالكلية، بل تغيير طبيعة العمل أو تغيير المكان أو ترك القيادة، والانشغال في باب آخر من أبواب الدعوة والتربية، فأبوابها كبيرة والواجبات فيها كثيرة.

للإجابة عن هذا السؤال، يجب علينا معرفة الهدف من هذه الأعمال، ولا ريب أن الهدف واضح متمثل: بتأدية الواجب الدعوي بإيصال رسالة الإسلام على أكمل وجه وأبهى صورة، وفي باب التربية بتغيير النفوس، أو أي واجب متعارف عليه في أي موقع من مواقع الدعوة والتربية، وعلى هذا الأساس أنا استقيل من عملي الدعوي أو التربوي في الحالات التالية:

أولاً: عندما أصل في عملي إلى الصورة الشكلية، فلا فائدة من وجودي ولا تأثير من غيابي، وهنا تطرح مشكلة تمسك البعض بالقيادة من باب حب الرياسة، أو الوجاهة الإجتماعية، وهو باب من أبواب الشيطان على المؤمن أن يغلقه، فكله وعمله لله تعالى، لا لسلطة أو جاه أو منصب.

ثانياً: استقيل لما أصبح حجر عثرة في وجوه بعض الشباب المخلص الذي يريد أن يقدم لأمته ودعوته، بل ويسعى لتطوير العمل الدعوي والتربوي، ولصفات فيًّ أو قلة علم أو دراية بالواقع، فلا أستطيع مجاراة هذه الثلة من الشباب فأعطل أعمال أو أؤخّر أخرى.

ثالثاً: استقيل عندما أشعر أني استنفدت كل طاقتي وبذلت كل وسعي، ولم أترك باب إلا وطرقته ثمّ لم تجدِّ وسيلتي نفعاً ولم أجد لها أثراً، مع الصبر والأخذ بالأسباب، عندها أتيح المجال لغيري لعل وسيلته تكون أجدى وأنفع من وسيلتي، فليس أنا نهاية التاريخ ولا مبتداه، ولكن حاولت وبذلت كلًّ جُهدي.

رابعاً: عندما يصبح العمل راتباً مملاً، أو أشعر بتململٍ حقيقي ممن حولي، أو أصبح همي العائد المالي فقط إذا كنت متفرغاً لهذا العمل، فأترك ذلك العمل ورائي، وأجدد نشاطي وهمتي في عمل آخر أفيد به أمتي ودعوتي.

خامساً: أقدم استقالتي من عملي إذا تغيرت أحوالي فضاق وقتي، أو ضعف جسدي، أو تغيرت أخلاقي فقل صبري وضعفت بصيرتي، وأثر ذلك على العمل بشكل جلي وواضح.

محاذير الاستقالة من العمل الدعوي:

– الحذر من التواضع المصطنع، فإذا علمت أنك أنفع الدعاة لموقعك، وأدراهم به، ولا ينفع غيرك لذلك المكان، من غير عجب ولا غرور، فيحرم عليك تركه بالاستقالة منه.

– من المخاطر أيضاً الاستقالة من غير تهيئة المكان لشخص آخر، إما بانتدابه أو تدريبه على العمل.

– ألا تكون الاستقالة كردة فعل، أي هي تصرف غير مدروس ولا معروف العواقب والنتائج، بل يصل إلى قراره بعد تفكير ملي، واستشارة أصحاب الخبرة أو الدراية في هذا المجال.

لا شك أن طول الزمان في الأعمال الدعوية والتربوية كفيل بصناعة خبرات عالية، قادرة على حل المشاكل المستعصية بسهولة ويسر، وتقدير العواقب والمخاطر واستشعارها وتجنبها قبل وقوعها، بل واختصار الأوقات وتسريع كثير من الإنجازات المطلوبة.

لكن هذا لا يبرر أن نصنع أصناماً بشرية لها الأمر كله، وإليها العمل كله، بل مصلحة العمل مناطة بالإنجاز وتحقيق الأهداف، فكثير من شركات الغرب اشترطت على موظفيها القيام بأعمال محددة لزمان محدد كخمس سنوات مثلاً، ثم ينتقل مرة أو مرتين لموقع آخر حتى لا تأتيه رتابة من عمل، فلا ينتظر منه تقديم استقالته بل يقال من عمله خوفاً على انجازه وفعاليته.

فنحن الدعاة أولى بذلك منهم، فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها، ولا يضر المؤمن الرجوع للحق فهو أحق أن يتبع.

 

المصدر : بصائر أون لاين