وتختلط دماء أبناء الأمة العربية والإسلامية مع دماء الأضاحي ليكون القتلى في الحروب الدائرة أكثر من الأضاحي في زمن كان يتحدث عنه كثيرون في التاريخ أن العواصم العربية والإسلامية ستصبح بحيرات من الدماء؛ وها هي اللحظات التي كان يتوقعها علماء الأمة بعد تمادي الطغاة والبطش والظلم.
هي تكبيرات العيد الحزينة التي لا تخرج من المسجد الإبراهيمي في الخليل حرة ،ولا من المسجد الأقصى المبارك في القدس مزلزلة، ولا من مسجد رابعة العدوية الذي تلطخت جدرانه بدماء الساجدين، ولا من مساجد دمشق وليبيا واليمن ولبنان ثم السعودية والخليج رويدا رويدا، حتى بات القتلى أكثر من الأضاحي، فهناك حيث استعدادات الأعياد في كل عام تحولت في بلاد المسلمين إلى لجوء وحرمان وقتل وتفجيرات، حتى في قلب المساجد مشهد مأساوي يعبر عن خطر قادم في ظل حالة العربدة الغربية والصهيونية بأدوات البطش والظلم والديكتاتورية والانقلاب.
سيول الدماء في شوارع ومساجد ومنازل الأمة الإسلامية قتلاً وترهيباً وتشريداً لم يفرّق فيها ظالم يدعي التشدد، وعلماني يدعي التطور، بين شهر رمضان وذي الحجة والأعياد وأيام السنة، حتى بات القتل خبراً يومياً رئيسياً حل بالمسلمين والمدافعين عن الشرعية المنتخبة ورأي الشعب؛ كما جرى في رابعة والنهضة وليبيا وغيرها حينما قرر الغرب طمس رأي الشعب ومحاربة الإخوان المسلمين تارة بجيوش منظمة عميلة، وأخرى تنظيمات صنيعة المخابرات تدعي التشدد وتبطش بكل ما هو صحيح تاركة الاحتلال والأنظمة العميلة في راحة بال.
أدوات كثيرة تحارب الأمة التي يهدر وقتها وشبابها ومالها وعلمها وتدمر طاقاتها ويمر عليها العيد تلو العيد ودائرة الحزن والألم تتوسع وتقتحم كل منزل؛ فعيد الفطر مر على أهالي سوريا وهم تحت القصف، وعيد الأضحى يقبل عليهم وهم في اللجوء والملاحقة والقتل على الحدود، كما أنه ومع كل عيد تجد دولة إسلامية أخرى دخلت إليها الفوضى والحرب والقتل بعدة أشكال، ومع كل عيد يرتفع عدد القتلى وتنقل صور المأساة لأطفال غرقى وحرقى ومسجد يئن تحت الاحتلال كما المسجد الأقصى.
هي حالة تشخيص لواقع مرير للأمة العربية والإسلامية فالمسجد الأقصى يستقبل عيد الأضحى والدماء في باحاته ضمن سياسة التقسيم الزماني التي يطبقها الاحتلال، وهل سيأتي عيد الفطر القادم والتقسيم المكاني تم أيضا؟؟!.
ومن النظرة العامة على واقع الأمة بات من الضروري أن يستنهض العلماء كل الشرائح وأن تكون ثورة حقيقية في كل الساحات والميادين ليست مسروقة ولا تهزمها أخرى مضادة ولا تهاب الموت في سبيل إخراج الناس من ظلمات الانقلابات والديكتاتورية والتبعية إلى نور العدالة والتنمية والإسلام منهاج حياة، كما أنها دعوة للفصائل والأحزاب الداعية إلى النهضة والفكر المنير أن تجدد الخطاب والوسائل وتوسع الدائرة التي تستهدفها حتى تواجه فتن الظلم وحبكات المخابرات العالمية الرامية إلى ترهيب الناس وجعلهم يتحسرون على أيام طغاة وأنظمة كانت أصلا أعلنتها ومن خلال الكثيرين منهم في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وبلسان واحد رددوها نفس العبارة “إما أنا أو الفوضى” وتركوا للشعب الاختيار؛ فقرر الشعب الحرية فقوبل بالفوضى التي هي تلك الأنظمة ذاتها باسم مجموعات متطرفة ومسلحة وشبيحة وبلطجية وغيرها بعد أن كانت جيوشا منظمة حينما كان الحاكم ذاك أو هذا يعربد على الشعب، ولذلك تنوير الشعوب بات مهما ومرحلة حساسة تبنى عليها الكثير من الخطوات الميدانية القادمة.
وفي ظل محاربة التربية وتعزيز التجهيل واللامبالاة حتى يؤكل كل واحد على انفراد يأتي دور الجماعة والتناصح والتكاتف والعمل بمنهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإعادة الحيوية للدعوة الإسلامية ولجم كل أفكار الخبث المخابراتية وصفع أنظمة الظلم؛ وهذا كله برنامج متكامل يقع على عاتق علماء الأمة والقادة والخبراء الذين لا يخافون في الله لومة لائم حتى يأتي عيد أضحى آخر ولم ير على الأرض إلا دماء الأضاحي التي تزين تلك الأيام التي تحولت إلى جنائز وبيوت أجر ومقابر جماعية.
وعلى يقين تام بأن الإسلام يعود لكل الديار وتفرح الشام ودرتها القدس والحجاز واليمن وكل بقعة في العالم توحد الله، إلا أن العمل من أجل ذلك هو الحق وهو الصواب فلا نبحث عن نصر بقدر ما نستمر في طريق الحق حتى نصل جميعا أو تصل أجيال خلفنا للمنارة التي غيبتها عقود الظلم التاريخي.
المصدر : موقع بصائر