الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فإن الشعارات التي ترفعها الحركة الإسلامية أوالدعاة أو المجاهدون أو غيرهم تحمل في طياتها معان عظيمة ، وتتضمن رسائل موجهة ، وإجابات سريعة عن أسئلة مختلفة ومتنوعة ، وهذه الشعارات منها ما هو نص أو جزء من نص شرعي مثل : { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} فقد يرفع شعارا في وجه كل طاغية يحكم بغير ما أنزل الله ، ويحمل الناس على نبذ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وراء الظهور ، و كذلك مثل : (( الله مولانا ولا مولى لكم )) ، وقد لقنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أحد ، ليردوا به على أبي سفيان لما قال للمسلمين يوم أحد (( لنا العزى ولا عزى لكم )) و في هذه الحالة لايقبل الشعار أي تغيير للمبنى أو تحريف للمعنى ، قال تعالى { لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } .
وقد يكون الشعار مستوحى من مسلمات العقيدة ومحكمات الشريعة ، أومنحوتا من أصول الدعوة وقواعد فقه الجهاد ، مثل (( الله غايتنا )) و(( والرسول قدوتنا )) و (( الجهاد سبيلنا )) ، ونحوها من الشعارات المشتهرة على ألسنة الدعاة الإسلاميين المعاصرين ، وفي هذه الحالة يؤخذ من تلك الشعارات ما وافق الشرع ، وكان له أصل من الكتاب أو السنة ، ويرد ما سواه ، وأما اللفظ والمبنى فليس له أي قدسية لذاته فيمكن تغييره أو تبديله بما هو أجود وأنسب للزمان أو المكان الذي يقال فيه .
مرونة زائدة :
في خضم الحرب الكلامية والمناورة السياسية بين الإسلاميين وغيرهم يقع بعض الدعاة في فخ التنازلات والمساومات الخاسرة ، فيتنكر لبعض حقائق دينه تارة ، أو يخفي منها شيئا واضحا وجليا ، كما فعل بعضهم في نفي كفر اليهود والنصارى وأنهم من أهل النار إن ماتوا على عقيدتهم بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعضهم يستبدل الألفاظ الشرعية والمصطلحات الدينية بما هي أدنى مما هي عند غير المسلمين ، كاستبدال بعضهم الشورى بالدمقراطية ، والعدالة الإسلامية بالاشتراكية ، ومنهم من يكفر بدعوته ويستهين بجهاده ، فيكسر سلاحه ، وينكس علمه ، ويلغي شعاره ، ويستبدل التكبير بالتصفيق ...
حول شعار "الإسلام هو الحل" :
وشعار (( الإسلام هو الحل )) شعار عظيم ، ومقولة دقيقة ، وقد وفقت له الحركة الإسلامية المعاصرة أيما توفيق ، وقد كان جوابا جامعا ومانعا لأسئلة المتشككين في صلاحية الإسلام لحل المشكلات التي تعاني منها دولنا ومجتمعاتنا ، وله من الشواهد الشرعية ما لا يعد ولا يحصى ، وذلك مثل قوله تعالى { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } وقوله تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } ، وليس عليه أية ملاحظة من الناحية الشرعية والله أعلم ، وأما لفظه فهو من البلاغة بمكان ، فقد سلم من التعقيد اللفظي ، فيحفظه الصغير والكبير ، وينطق به أفصح العرب ، ويلهج به الأعجمي الأصنج ، كما سلم من التعقيد المعنوي ، فيفهمه العالم والعامي ، والرجل والمرأة ، والحضري والقروي .
والذي بقي فقط هو أن نعمل على ترسيخ أن الإسلام هو الحل : لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ وأين ؟ فإن أفلحنا في ذلك فقد أوتينا خيرا كثيرا ، وإن كان غير ذلك فأقل شيء أن نمسك ألسنتنا ولا نهرف بما لا نعرف ، أو نقفو ما ليس لنا به علم .
أما أن نقول إن هذا الشعار فارغ ، لا مضمون له ، وأنه من الخطأ أن نرفعه ونصيح به أما خصوم الدعوة الإسلامية ، فهذا من نقض الغزل من بعد القوة والجهد المضني .