يشهد الخطاب الدعوي، في أرض المنارة والرباط تطورا ، تدريجيا ، ملحوظا ، اتجاه كثير من الإشكالات الشرعية ، والفكرية ، التي كانت محل تباين، وما زالت عند كثير من الناس
ولعل منها إشكال ( ذكرى المولد ) :
فقد نشأت مدرستان متباينتان حياله منذ سنوات
الاولى :
أقرب إلى التصوف في مشاربها وتأثرها
وفيها جهابذة موقرون
وهي ترى في المولد عيدا شرعيا يقارن بالأعياد التوقيفية الشرعية ، المعروفة
وتنكر على من لا يرى ذالك الرأي ، مع تفاوت في الأتباع إفراطا ، وتفريطا حيال هذه النظرة
وتستدل بفعل بعض أهل العلم في القرون المتأخرة
والثانية:
أقرب الى المذهب الظاهري الأثري ، وتتبنى الرأي القائل:
إن الأعياد من الشعائر التوقيفية التي لا مجال فيها لتحسين العقول والعواطف
مع سد للباب سدا مطلقا ً،ويستدل أصحابها
بجملة من النصوص الشرعية العامة المحذرة من الابتداع
ويعتبرون ( الترك ) دليل منع
و يعتمدون على عدم رواية هذا الامر عن القرون المزكاة
مستصحبين حساسية إمام دار الهجرة حيال الهدي الاول
حيث كان يقول :
هذا الذي أدركت عليه الناس وأهل العلم بيلدنا " وهو يعني عمل أهل المدينة
واذكر من جهابذة هذه المدرسة
الشيخ (بداه ) والعلامة (عدود )- رحمهم الله-
ومن بينهم الى سنوات قريبة علامة المنكب البرزخي( الددو)
ولكن نظرة فقهية جديدة ظهرت قبل سنوات
تميل في سمتها الإصلاحي العام ، لمزيد من الجمع ، والترجيح غير الجارح
مع استيعاب دقيق لمواطن الخلاف ، ومداركه ، وأسبابه
تأخذ على الاولى :
توصيف المولد عيدا شرعيا كبقية الأعياد، دون دليل، توقيفي، صحيح ، صريح
مع ما في ذالك من فتح للباب أمام العامة في ممارسة مسلكيات يتفق الجميع على عدم شرعيتها
وتأخذ على الثانية :
التعميم والإطلاق ، في مفهوم البدعة مع الاضطراب ، والتباين الحاصل ، بين أهل العلم في تعريفها
كما تأخذ عليها الاستدلال ( بالترك ) على المنع
وهو استدلال يحتاج مزيد بحث وتأمل على بساط الإنصاف والتجرد
وترى المدرسة الجديدة :
أن اعتبار المولد ذكرى مباركة، كذكرى بدر، والهجرة ، والإسراء ، أقرب إلى المسلك الشرعي المنصف
فهي فرصة لاستنهاض الهمم والتذكير بضرورة البذل والعطاء للرسالة ، حتى لا ينقطع سند المكارم والمعالي
دون أن يكون ذالك سنة مأثورة ينكر على من لا يراها