إن الميثاق الغليظ الذي وصف الله تعالى به عقد الزوجية يحتاج إلى سياج حكيم يحميه من الانفراط, ونبع عذب يستقي منه المودة والألفة, وخلق رفيع يسمو به عن الخلافات الضيقة والأهواءالمتقلبة.
وإذا تجاوزنا مسطرة الحقوق المصونة لكل واحد من الزوجين داخل النظام الإسلامي للأسرة, والتي تتحدد بشكل تفصيلي منذ القرآن وحتى بعد الفراق "وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين" فإننا نجد المجال واسعا لساحة العفو والتراضي والمعروف, مما يمنح القلوب راحة ورخاء ويخفف عن الأنفس التي أحضرت الشح "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" . فباب الفضل يعطي فرصا كثيرة لاستمرار الحياة الزوجية ويمكن من تجاوز الصعاب واحتواء الأزمات العارضة "ولا تنسوا الفضل بينكم", وهنا ينبغي لكل واحد من الزوجين أن يتقن فن التعامل مع الطرف الآخر, فيمتلك من مفاتيح القلوب ما يعينه على كسب ود زوجه, وكلما كان حبل المودة موصولا صعب على الخلافات النيل منه وقديما قيل: وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا فالزوجة التي تسهر على راحة زوجها فتسره إذا حضر، وتصونه إذا غاب وترعى بيته أولاده, تبنى وشائج قربى إلى نفسه لا يستطيع نكران فضلها مهما عاند وكابر.. والزوج الذي يكرم أهله ويوفر لهم الأمن والأمان, يتغاضى عن الزلات, ويستوصي بزوجته خيرا يعين بذلك على بروره وطاعته ويحصد المودة والاحترام مهما كفرت المرأة العشير أو زلت عن الحق... و تتجلى تلك القيم السلوكية في التعابير والتصرفات والمواقف, فمعجم الأسرة ينبغي أن يكون رقيقا وجدانيا يجسد المودة والرحمة فالكلمة الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها, بينما يظل جرح الكلمة السيئة غائرا مدى الدهر.. والتصرف الخاطئ لا تؤمن عواقبه غير المحمودة.. كما أن المواقف المتصلبة لا يمكن الوصول معها إلى حلول.. فلابد للأسرة من الاستفادة من ساحة الفضل وقيم التسامح والمكارمة التي منحها النظام الاسلامي إلى جانب المنظومة الحقوقية المسطرة فيه, فتبني في كنف تلك القيم الثقة المنشودة, وتنمي التفاهم المطلوب, وتغرس المحبة الراسخة, وتعزز التعاون على البر والتقوى, وبذلك تؤسس نواة اجتماعية فاعلة قادرة على استقطاب النسيج الأسري من حولها بتماسك رصين ومستقيم, ويكون للأسرة القدوة من ذلك الخير الأجر الكثير على قدر سعيها وقصدها فيه. |