بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم { رب اشرح لي صدري * و يسر لي أمري * و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي } { سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } الحمد لله القائل { قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } و صلى الله على النبي الحبيب خاتم النبيئين و إمام المرسلين و قائد الغر المحجلين القائل : [ الدين النصيحة " قلنا لمن يا رسول الله ، قال : " لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " ] حديث مشهور مشتهر صحيح بدأ بصيغة حصر : " الدين النصيحة " و قد بين ذلك إمام علم البلاغة عبد القاهر الجرجاني حيث بين ذلك في أسرار البلاغة ، و كذلك هو الحال عند الأصوليين . و لقد تقززت كثيرا من دعاوي بعض الفقهاء الذين بدلا من أن ينصروا الرسول المعصوم الحبيب الشفيع صلى الله عليه و سلم دعوا إلى الوهن تحت ذريعة ضرورة تعطيل الأحكام محتجين بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يقطع يد سارق عام الرمادة و كذلك تركوا نفي الزاني الأعزب بسبب تنصر من نفي من قبل فزعموا أن الحكام لا يمكنهم تطبيق الحدود بسبب الضغوط الدولية و حقوق الإنسان و إني أرى خطر هؤلاء أخطر على المجتمعات الإسلامية من منظمات حقوق الإنسان و الدول الكفرية و ذلك لأن زلتهم أكبر من زلات العدو الكافر و قد حذر منها قديما فقهاء الأمصار . و لقد فرض مني الواقع المعاش تحرير هذه السطور لأبرأ إلى الله مما روجته وسائل الأنباء من فتاوى هؤلاء الفقهاء فإن وزنهم يخف أمام مخالفتهم لمسائل الإجماع المدعمة بالوقائع المعاشة و تقرير منظمة العفو الدولية في الصادر في ابريل سنة 2014 و الموجود في بريدنا الألكتروني . فالمسلمون عبارة عن جسم واحد يتألم بما يتألم منه عضو من أعضائه ويترنم إذا عاش الرخاء واتباع الشرع والوفاء لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يتم إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». هكذا ينبغي أن يكون المسلم يرتاح إذا سمع ما يسره عن إخوانه المسلمين ويتألم إذا سمع عنهم ما يؤلم أو يحسر؛ كما ينبغي أن يتألم أكثر فأكثر إذا سمع عن جماعة من المسلمين ما يخالف الشرع أو ما فيه ضرر أكبر للمسلمين انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» رواه أنس، وجابر، وابن عمر ونص الحديث من رواية جابر رضي الله عنهما قال «اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار فنادى المهاجري يا للمهاجرون، ونادى الأنصاري يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية؟» قالوا: لا، يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا، فكسح أحدهما الآخر، قال: « فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره» أخرجه أحمد ومسلم والدارمي، وفي رواية أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال رجل، يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره» أخرجه البخاري والترمذي وفيه «تكفه عن الظلم فذاك نصرك إياه» وقال الترمذي حسن صحيح . و إن من سب نبينا و حبيبنا و شفيعنا لا يمكنه أن يفلت من العقاب الذي نص عليه الإجماع المتيقن فقد نقل ابن فرحون في تبصرته الموسومة " تبصرة الحكام بأصول الأقضية و مناهج الأحكام " حيث قال في ( فصل ) : " و كذلك الحكم في سب الأنبياء عليهم الصلاة و السلام : " قال القاضي عياض : " من سب النبي صلى الله عليه و آله و سلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب و الإزدراء عليه ، أو النقص لشأنه أو الغض منه و العيب له فهو ساب تلويحا كان أو تصريحا ، و كذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له ، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة يستخف من الكلام أو بشيء مما جرى من البلاء و المحنة عليه ، أو غمصه بشيء من العوارض البشرية الجائزة و المعهودة لديه قتل ، قال : و هذا كله إجماع من العلماء و أئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إلى هلم جرا . " و بعدما بينا حكم من سب النبي صلى الله عليه و سلم و أنه محل إجماع لا يحتاج لرأي فقيه فأين الخوف أو التخويف من منظمات حقوق الإنسان أو ضغوط الحكام الغربيين و قد توصلنا بآخر تقرير حول الأحكام بالإعدام في العالم من منظمة العفو الدولية في نشرة إبريل 2014 م حيث بينت أنه تم تنفيذ الإعدام سنة 2013 في 778 إنسانا موزعة كالتالي : 1/ إيران : أعدمت 369 ، تليها 2/ العراق حيث أعدمت 169 ، تليها 3/ المملكة العربية السعودية حيث أعدمت 79 ، تليها 4/ الولايات المتحدة الأمريكية حيث أعدمت 39 تليها 5/ الصومال حيث أعدمت 34 ثم 15 ، تليها 6/ الجمهورية السودانية حيث أعدمت 21 ، تليها 7/الجمهورية اليمنية حيث أعدمت 13 ، تليها 8/ اليابان أعدمت 8 ، تليها 9/ الكويت حيث أعدمت 5 ، تليها 10 / تيوان حيث أعدمت 6 ، تليها 11/ جنوب السودان حيث أعدم 4 ، تليها 12/ السلطة الفلسطينية حيث أعدمت 3 ، ثم 13 و 14 و 15 / ماليزيا و أفغانستان و بانغلادش كل واحدة منها أعدمت 2 ، الخ ... و خلاصة القول إذا كانت منظمة العفو الدولية تدعو هذه الدول إلى القضاء على الإعدام ، فإن السيادة الوطنية تقتضي من كل دولة أن تقوم بتطبيق و تنفيذ قوانينها لأن الكل تحت القانون يجب أن يطبق عليه بما في ذلك القضاة أنفسهم . و إن مسألتنا و هي سب قدوتنا و حبيبنا و شفيعنا المبلغ عن الله الشرع القويم الهادي إلى الصراط المستقيم محل إجماع متيقن فلا نحتاج إلى فقيه و لا متفقه ليبين لنا حكمها ، بل صخرة يتحطم عليها كل من خالف الإجماع لاتباع هوى أو غرض ما ، نسأل الله السلامة و التقيد بالشرع و خاصة مسائل الإجماع ، لذلك ألفنا كتاب " الإشعاع و الإقناع بمسائل الإجماع " مع أدلته من الكتاب و السنة في ثلاث مجلدات نخضع له اجتهادات من ادعى الاجتهاد ، فما خالفها ضربنا به عرض الحائط لأن فتياه مترددة بين الردة و الحرام و هما خصلتا سوء نسأل الله السلامة ، قال القاضي محمد بن محمد بن عاصم في نظمه " مرتقى الأصول إلى علم الأصول " : وإن الإجماع لأصل متبع * في كل حين وبحيث ما وقع * وإن يخالف من له اعتبار * فما لإجماع به استقرار* إلى أن قال في : فصل في التصويب والتخطئة : وإنه لمخطئ إجماعا * مكفر إذ خالف الإجماعا * وبعض ما لم ندره ضروره * وهو من المسائل المشهوره * قد أجمعوا عليه في الأمصار * في سائر البلاد والأقطار* فالمتصدي لاجتهاد مخطئ * مفسق بمثله لا يعبأ * وسائر الفروع وهو ما اختلف * فيه والاجتهاد فيها قد ألف * و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار . كتبه العبد الفقير إلى الله : المصطفى ولد إدوم داعية مستقل و باحث في العلوم الشرعية |