كيف نعرف المصالح والمفاسد؟
الاثنين, 23 ديسمبر 2013 11:59
 صورة للعلامة يوسف القرضاوي في أحد الندواتصورة للعلامة يوسف القرضاوي في أحد الندوات 

بسم الله الرحمن الرحيم

المصالح المرعية: إما مصالح دنيوية، أو مصالح أُخروية، أو مصالح دنيوية وأُخروية معاً. ومثل ذلك المفاسد من غير شك، وكل منها له طريق إلى معرفته من العقل أو من الشرع أو من كليهما.

كلام ابن عبد السلام:

وقد فصَّل الإمام عز الدين بن عبد السلام " فيما تُعرف به المصالح والمفاسد وفي تفاوتهما ".

وما أبلغ ما قاله هنا في كتابه الفريد " قواعد الأحكام في مصالح الأنام ":

" ومعظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل، وذلك معظم الشرائع؛ إذ لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة من نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمود حسن، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها محمود حسن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن.

واتفق الحكماء على ذلك. وكذلك الشرائع على تحريم الدماء والأبضاع والأموال والأعراض، وعلى تحصيل الأفضل فالأفضل من الأقوال والأعمال.

وإن اختُلِف في بعض ذلك، فالغالب أن ذلك لأجل الاختلاف في التساوي والرجحان، فيتحير العباد عند التساوي ويتوقفون إذا تحيروا في التفاوت والتساوي.

التفاصيل
الردة عن الحرية [ح:17] (فوائد الانقلاب على الدعوة )/د. محمد أحمد الراشد
الجمعة, 20 ديسمبر 2013 01:58

altعاشراً: كشفت حادثة الانقلاب السُباعي الوجوه عن الدخلاء الذين اخترقوا الوصف والصف الإسلامي وتحدثوا دهراً بالإسلام كذباً، ويتمثلون بحزب النور السلفي على الأخص، فقد انفضح وسقط وانتهى وكَنَسَتْهُ الأحداث من طريق الدعوة، وسقط جُهلاء الأزهر بقيادة إمامهم الأكبر وعَرَفهم الشعب ووصفهم أنهم وعاظ سلاطين، وتخلّصت الدعوة من عدو يؤذيها وتـمْنعُها عواطف الناس وبساطة المصريين الطيبة الفطرية من الشكوى وذِكر اسم المؤذي، لما للأزهر من سمعة تاريخية، فعرف الطيبون اليوم بعد الانقلاب أنهم أمام عدوٍ معمم غير طيب. وكذلك تنقّى الداخل الدعوي من عناصر متأرجحة لم تـتمحّض وكانت تضع قَدَماً في الآخرة وقدماً في الدنيا وتعجز القيادة الدعوية عن اكتشافها وفصلها، لغلبة حسن الظن، وظنها وجوب الأخذ بالظاهر دوماً...

التفاصيل
علماء موريتانيون يصدرون وثيقة مرجعية حول الردة "وثيقة "
الأربعاء, 18 ديسمبر 2013 03:04

altقال عدد من أبز العلماء الموريتانيين إن هناك مسائل تعتبر خطوطا حمراء ولا يمكن لمسلم أن يتجاوزها وهو مسلم وأن هناك ملاحدة من بني جلدتنا  تناولوا راية الدانمرك بعد ما أسقطها العلماء ويحاولون إيجاد مكان لهم بينا لأنهم يتكلم بلغتنا ويلبسون زينا .

التفاصيل
حرب على الإسلام في بنغلاديش/شعبان عبد الرحمن
الأربعاء, 18 ديسمبر 2013 02:15

شعبان عبد الرحمن*أطبق الصمت علي العالم ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر، بينما كان البروفيسور عبد القادر ملا، مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية في بنغلاديش، يعلق على حبل المشنقة في الساعات الأخيرة من مساء الخميس 12/ 12/ 2013م تنفيذًا لحكم جائر بالإعدام عقابًا له على تهم باطلة بينما حقيقة تهمته أنه  قال “ربي الله”.

التفاصيل
الإنهيار الأخلاقي وفساد السلوك/حسان العماري
الثلاثاء, 17 ديسمبر 2013 11:52

altالحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هدى للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين،  ونبراساً للمهتدين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، وهدى به من الضلالة، وذكر به من الغفلة، ...

    إِنَّ الْمَكَارِمَ أَخْلاقٌ مُطَهَّرةٌ * * * فَالدّينُ أَوَلُّها وَالعَقْلُ ثَانِيهَا.

  وَالْعِلْمُ ثَالِثُها وَالحْلْمُ رَابِعُها * * * وَالْجُودُ خَامِسُها وَالْفَضْلُ سَادِيهَا.

  وَالْبِرُّ سَابِعُها وَالصَّبْرُ ثَامِنُها * * * وَالشُكرُ تاسِعُها وَاللَينُ بَاقِيهَا.

   وَالنَفسُ تَعلَم أَنّي لا أُصادِقُها * * * وَلَسْتُ أَرشُدُ إِلا حِيْنَ أَعْصِيهَا.

 وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلوات الله  عليه وعلى آله وصحبه، ومن ترسم خطاه وسار على نهجه، ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران، وسلم تسليماً كثيراً

 عبـــــــاد الله 

التفاصيل
تطبيق الشريعة في مجتمعات حرة/محمد بن المختار الشنقيطي
الثلاثاء, 17 ديسمبر 2013 04:41

د.محمد الأمين الشنقيطيلم يعد موضوع تطبيق الشريعة بعد ثورات الربيع العربي موضوعا نظريا، بل أصبح قضية عملية يجب التواضع على فهم مشترك لها، وإخراجها من دائرة التنازع والاختلاف، ومن الشعار السياسي إلى الخطة العملية.

 

ولعل من أهم منجزات الربيع العربي أنه نقل الجدل حول تطبيق الشريعة إلى جدل حول تعريف الشريعة، وذلك ارتفاع مهم في مستوى الحوار سيحررنا من وضع العربة أمام الحصان، ويأتي هذا المقال ضمن الجهد الساعي إلى رفع اللبس السائد في هذا المضمار. 

وتتنازع المجتمعات العربية اليوم مدرستان في موضوع تطبيق الشريعة: مدرسة علمانية ترى الشريعة نقيضا للحرية، ومدرسة سلفية ترى الحرية نقيضا للشريعة، فقد جعل العلمانيون الوحي تاريخا يمكن تجاوزه، وهذا أمر مستحيل إسلاميا، وجعل السلفيون التاريخ وحيا يجب استنساخه، وهذا مستحيل إنسانيا، وما بين المستحيل الإسلامي والمستحيل الانساني تم تعطيل الشريعة، ووصلنا إلى طريق مسدود.  فالعلمانيون والسلفيون في موضوع الشريعة خصوم في المقدمات، حلفاء في النتائج، مع تباين المقاصد طبعا، فدافع السلفيين هو الحرص على الشريعة، لكنهم اختزلوا الإسلام في صورة تاريخية، وبحثوا لكل جديد عن سلف، وكأن الفكرة التي لا سلف لها بنت سفاح.

أما العلمانيون فقد استأسروا لصورة ذهنية أخرى، وهي التقسيم الغربي المتعسف للحياة بين ديني ودنيوي، وهو تقسيم لا يعرفه الإسلام ولا يعترف به، فالإسلام دين توحيد لله وتوحيد للحياة، والقرآن الكريم "قد جمع بين واقعية العهد القديم ومثالية العهد الجديد"، كما لاحظ بحق المفكر العظيم علي عزت بيغوفيتش.  وتحتاج مجتمعاتنا اليوم إلى التواضع على رؤية نظرية واضحة حول مفهوم الشريعة ومعنى تطبيقها ومن يطبقها، مع احترام مبدئي لحرية الناس وكرامتهم من غير ازدواجية ولا مثنوية.  فهذا الجمع بين الشريعة والحرية ضروري اليوم ليكون أساسا لإجماع أخلاقي يخرج المجتمعات العربية والإسلامية من انشطار الذات الأخلاقية والثقافية بين إسلاميين وعلمانيين، ويفتح الباب أمامها لمصالحة تاريخية مع الذات ومع بقية الأسرة الإنسانية.  بيد أن هذا الإجماع الأخلاقي لا تزال تعوقه عوائق، من أهمها: ضعف الأساس النظري لدى الداعين لتطبيق الشريعة، وعدم تحريرهم للمفاهيم والصيغ العملية التي تجمع بين الشريعة والحرية، واستئسار العلمانيين لرؤى فلسفية وقياسات تاريخية منبتة عن ثقافة المجتمعات العربية والإسلامية وتجربتها التاريخية.  ويحتاج هذا الموضوع إلى دراسات مطولة لا يتسع لها المقام، فنحن نقتصر هنا على رسم الخطوط العريضة للبساط النظري اللازم لتطبيق الشريعة في مجتمعات حرة، تمهيدا لهذه المصالحة التاريخية الجامعة بين الشريعة والحرية.  أولا: ضرورة الانطلاق من نظرية واضحة حول ماهية الدين وطبيعته، فالشعوب العربية والإسلامية هي أكثر الشعوب تدينا، وأقل الشعوب دراسة علمية للدين (بالمعنى المعاصر لعلم الأديان).  ويميل الفلاسفة العلمانيون -عربا وغربيين- إلى اختزال الدين في عناصر ثلاثة، هي: العقيدة، والعبادة، والسردية الكونية (أي القصة التي تفسر أصل الوجود ومغزى الحياة ومآل الإنسان)، وبعضهم لا يعتبرون الأخلاق عنصرا جوهريا من عناصر الدين، أما التشريعات فهي خارجة عن نطاق الدين تماما في تصور العلمانيين.  لكن هذه النظرة الاختزالية لا تمثل سوى الحد الأدنى من الظاهرة الدينية، وهي بالقطع لا تستوعب مكونات الدين الإسلامي التي تشمل -مع العقيدة والعبادة والسردية الكونية- أخلاقا وشرائع وقيما اجتماعية وسياسية واقتصادية.  والسر في هذه النظرة الاختزالية للدين لدى العلمانيين في مجتمعاتنا هو الاستئسار لبعض المدارس الفلسفية الغربية والتجربة التاريخية الغربية في هذا المضمار، والحال أن الدين لم يكن قط محور التاريخ الأوروبي، بل ظل دائما على ضفافه، أما عندنا فالدين كان ولا يزال محور الحياة، وهو أمر يحتاج العلمانيون في مجتمعاتنا إلى معرفته والاعتراف به.  ثانيا: ضرورة تبنّي معنى "الشريعة" في الاستعمال القرآني الذي يشمل الدين كله، لقد ورد لفظ "الشريعة" بهذه الصيغة في القرآن الكريم مرة واحدة هي قوله تعالى "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتَّبعها ولا تتَّبع أهواء الذين لا يعلمون" (سورة الجاثية، الآية 18).

قال الطبري نقلا عن أبي زيد في تفسير هذه الآية "الشريعة الدين". وهذا المعنى القرآني العام هو الذي قصده أبو بكر الآجري (ت 360 هـ) في كتابه"الشريعة"، وهو كتاب في العقائد، وهو أيضا ما قصده الراغب الأصفهاني (ت 500 هـ) في كتابه "الذريعة إلى مكارم الشريعة"، وهو كتاب في الأخلاق. والملفت للانتباه -من وجهة نظر تاريخ الألفاظ- أن أيا من هذين الكتابين اللذين يحملان في عنوانهما لفظ "الشريعة" لم يتضمنا أحكاما عملية بالمعنى الفقهي القانوني.  فإذا فهمنا الشريعة بمعناها القرآني، أي باعتبارها شاملة للدين كله بعقائده وشعائره وأخلاقه وقوانينه، فسنفهم أن الشريعة ليست "معطلة" تعطيلا كاملا في بلاد المسلمين، كما يدعي بعض الإسلاميين، بل هي معطلة تعطيلا جزئيا، إذ المسلمون لا يزالون متشبثين بعقائدهم مواظبين على عباداتهم ملتزمين بأخلاقهم الإسلامية في الجملة، وهذا كله يدخل ضمن الشريعة بالمعنى القرآني، والمعطل من الشريعة أمران: - أولهما: هو القيم الدستورية والسياسية الإسلامية من شورى في بناء السلطة، ومشاورة في أدائها، وعدل وحرية، وتعامل مع المنصب العام والمال العام باعتبارهما أمانة لا ملكية شخصية.. إلخ، وتعطيل هذا الشق الأساسي من الشريعة ليس جديدا، بل بدأ منذ منتصف القرن الأول الهجري، وليس المستعمرون الغربيون هم الذين عطلوه، بل المسلمون هم من عطلوه بعد فتن القرن الأول الهجري، كما بينته بإطناب في كتابي عن (الخلافات السياسية بين الصحابة).  وهذه القيم الدستورية والسياسية المعطلة منذ قرون أهم كثيرا من الجزئيات القانونية، لأن القوانين نابعة من القيم وخادمة لها، فإذا تعطلت القيم كان ذلك أسوأ من تعطيل القوانين.  - وثانيهما: جانب من الشق القانوني من الشريعة، خصوصا القانون الجنائي وبعض قوانين الأسرة والمال في بعض الدول، وهذا التعطيل بدأ مع الاستعمار الأوربي الحديث.  والغريب أن الوجدان الإسلامي متعلق بهذا الشق القانوني الذي عطله الأوربيون بالأمس أكثر من تعلقه بالشق الدستوري الذي عطله المسلمون على مدى القرون، والسبب هو أن المسلمين اليوم يقودهم وجدان منفعل بما يفعله الآخرون، أكثر مما يسوسهم عقل واع بذاته وناقد لذاته، وإلا فإن القيم والمبادئ الدستورية سابقة على القوانين الجزئية، بل هي مصدرها الذي يمنحها المعنى والحياة، ولا معنى لقوانين في دولة لا دستور لها اليوم.  ثالثا: الخروج من ثنائية القانون الشرعي والقانون الوضعي، فسبب هذه الثنائية الضدية هو تحول الشريعة في أذهان بعض المسلمين إلى هوية ثقافية وشعار سياسي، بدل التفكير فيها تفكيرا تطبيقيا عمليا.  وقد أدى ذلك إلى النظر إلى القوانين الغربية المطبقة في بلاد المسلمين على أنها "قوانين كفرية"، ووضعها في تناقض عقدي مع القوانين الإسلامية، تأثرا بالنظرة السلفية التي أدمنت صياغة القضايا العملية صياغة اعتقادية.  وللخروج من هذه الثنائية الضدية -المضرة بمسألة تطبيق الشريعة عمليا- نحتاج إلى أن ندرك أن الإسلام ذو منحى إصلاحي ترميمي تكميلي، ونبينا صلى الله عليه وسلم بعث ليتمم مكارم الأخلاق، لا ليكتب في صفحة بيضاء، أو ليهدم قيم المجتمع ويبدأ البناء من جديد.  كما نحتاج إلى أن ندرك أن الشريعة ليست قانونا ولا فقها، بل هي مصدر للفقه والقانون، ولذلك من الممكن أن يتغير الفقه والقانون دون خروج على الشريعة، وليس من اللازم أن يكون لكل قانون مستند نصي في الشريعة ليكون قانونا إسلاميا، فكل قانون يحقق مصلحة شرعية ولا يناقض نصوص الشريعة فهو من الشريعة.  وقد عبر عن هذا المعنى كبير علماء موريتانيا في القرن العشرين الشيخ محمد سالم بن عبد الودود -رحمه الله- تعبيرا يدل على بصيرة شرعية وحصافة عملية، فقال إن ما نحتاج إليه اليوم ليس "تقنين الفقه" بل "تفقيه القانون". وهو يقصد أن كل ما نحتاج إليه هو تشذيب القوانين الموجودة -بغض النظر عن مصدرها- وغربلتها وإكسابها الخلقية الإسلامية من خلال عرضها على قطعيات الوحي، لأن جل ما نسميه اليوم قوانين وضعية لا يناقض نصا شرعيا، وهو يحقق مصالح العباد، ويطابق روح الإسلام ومقاصد الشريعة في حفظ العقائد والأنفس والأموال والأعراض، ولا معنى لرميه في المزبلة أو وصمه بالكفر والزيغ.  وعلى خلاف ما يرى بعض الإسلاميين، فليس تعدد مصادر التشريع مما يناقض الشريعة، إذا كانت نصوص الوحي هي الحاكم والناظم عند الاختلاف، فقد تضمّن دستور المدينة في العصر النبوي إقرارا لأعراف القبائل العربية في التعاقل وغيره، وتحولت تلك الأعراف جزءا من الفقه الإسلامي في ما بعد.  وأثْنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على عدل دولة الحبشة، وهي دولة مسيحية، فيمكن استمداد القوانين اليوم من أعراف الشعوب المسلمة، ومن قوانين الدول غير المسلمة، بشرط ألا تناقض هذه القوانين النص الإسلامي. وكما بين ابن القيم فإن "أي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها" (ابن القيم: إعلام الموقعين عن رب العالمين، 4/373).

رابعا: ضرورة الفصل الواضح بين الأحكام الأخلاقية والأحكام القانونية من الشريعة، وهذا من أكبر مصادر اللبس في الثقافة الإسلامية المعاصرة. فالشريعة -بالمعنى القرآني العام الذي نلح عليه- تشمل الجوانب الاعتقادية والتعبدية والأخلاقية (حقوق الله) التي لا سلطة فيها على ضمير الفرد.  كما تشمل الجوانب القانوني (حقوق العباد) التي تحتاج إلى سلطان الدولة لإنفاذها.  ولأن الجانب الخلقي من الشريعة أوسع مدى من الجانب القانوني فإن ما يحتاج إلى تدخل الدولة بسلطة القانون قليل جدا، ويستلزم ذلك ضرورة الالتزام بمعادلة الحد الأدنى من التقنين والحد الأعلى من الحرية، لكن الفكر الإسلامي يسود فيه اليوم الخلط بين مستويات المسؤولية: مستوى ضمير الفرد، ومستوى سلطان المجتمع، ومستوى قهر الدولة.  لذلك نجد حكومات تتدخل في خصوصية حياة الناس باسم الدين في أمور تركها الإسلام لضمير الفرد، مثل العقائد والعبادات والسلوك الشخصي الذي لا يضار الآخرين، بينما تهمل هذه الحكومات ما أوجبه الإسلام عليها من رعاية مصالح الرعية، والعدل بينهم وعدم الاستئثار أو الإيثار في المناصب والأموال، فصدق في هذا النمط من القيادات المعوجة التفكير والممارسة قول للنبي صلى الله عليه وسلم "سيكون أمراء من بعدي يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، لا إيمان بعده" (صححه بهذا اللفظ الشيخ الألباني في "موارد الظمآن على زوائد ابن حبان").  وقد رأينا في بعض التطبيقات الشوهاء للشريعة في العصر الحديث دولا ترغم الناس على إغلاق متاجرهم في أوقات الصلاة، أو من الأكل في مكان عام أثناء رمضان، أو غير ذلك من تطبيقات لا أصل لها في نصوص الشرع أو التجربة النبوية والراشدية، وهي تعدٍّ من السلطة على حريات الناس، والأسوأ من ذلك أنها تخريب للضمير الخلُقي ينشر النفاق والمراءاة في الدين.  فالتدين من غير حرية عبودية للعباد، وليس عبادة لرب العباد، والتدين الحق هو النابع من الضمير بإخلاص للخالق، ومن غير ضغط أو إكراه من الخلق، "فاعبد الله مخلصا له الدين، ألا لله الدين الخالص" (سورة الزمر، الآيتان 2-3).  خامسا: المجتمع هو المخاطب أصلا بأحكام الإسلام ذات الصلة بالحياة العامة، فهو الوصي على الشريعة، وهو صاحب السلطة التأويلية لتحديد معنى أحكامها ووسائل تطبيقها، والسلطة مجرد نائب عنه، "فالمسلمون هم المخاطبون، والإمام في التزام أحكام الإسلام كواحد من الأنام، ولكنه مستناب في تنفيذ الأحكام" (إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم، ص 276).  وليس الحاكم المسلم ملزما بتطبيق قانون من قوانين الشريعة يرفضه المجتمع، وليس من الحكمة السياسية أن يفعل ذلك عمليا، فإن رضي المجتمع بأحكام الشريعة فذلك واجبه، وإن لم يرضَ ببعضها فهو آثم والله حسيبه، لأن المجتمع لا مكره له، ويجب على دعاة الشريعة ووعاتها في هذه الحالة السعي إلى إقناع المجتمع بأحكام الشريعة، لا إلى إكراهه عليها، حتى وإن كانت بيدهم السلطة السياسية والعسكرية.  ويتفرع عن هذا المبدأ ضرورة مراعاة السياق السياسي في دول الربيع العربي، وطبيعة مراحل التحول في أعمار الأمم، بما يصحبها عادة من عنف وتوتر.  فيمكن مثلا أن تختلف صيغ التنصيص على الشريعة في دساتير الدول العربية (المصدر الوحيد للتشريع، المصدر الأساسي للتشريع.. إلخ) بحسب ظروف الإجماع السياسي والاجتماعي والثقافي في كل دولة، واستعداد الناس وتقبلهم للحلول الإسلامية، مراعاة لمصلحة الانتقال السلمي من الاستبداد إلى الحرية، وأخذا بسنة التدرج في التطبيق والتنزيل التي تختلف مقتضياتها من بلد لآخر.

سادسا: الديمقراطية تطبيق للشق الدستوري من الشريعة الذي وقع عليه الحيف تاريخيا، وهي السبيل إلى تنزيل جزئيات الشريعة على حياة الناس لاحقا، بمنهج تربوي حكيم يراعي نضج الظروف واستعداد المجتمع، ويحمّل الناس مسؤولياتهم، ويحترم اختيارهم.  فأولى خطى تطبيق الشريعة اليوم هي بناء دولة ديمقراطية حرة، ذات سلطة شرعية منتخبة، تسوي بين الحاكم والمحكوم أمام القانون، وتجرّم الاستبداد والفساد، وتسوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وعرقهم ولغتهم.  فالشرعية السياسية هي أهم أحكام الشريعة، وحكم القانون والمساواة أمامها مقدمان على نوع القانون ومصدره، وأي تطبيق لقوانين الشريعة غير مؤصل تأصيلا عميقا، أو غير مراعٍ لسياق الزمان والمكان، أو غير منسجم مع مستوى استعداد الناس ونضج المجتمع سيجعل قوانين الشريعة منافية لقيم الشريعة، علما بأن القوانين خادمة للقيم، وليس العكس.  إن حكم الله تعالى ليس شيخا معمما نازلا من السماء، بل هو اختيار مجتمع حر، آمن بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.  فتطبيق الشريعة في مجتمعات حرة -كما نطمح إليه اليوم- يستلزم تبنّيا لمفهوم الشريعة بالمعنى القرآني الواسع، وترجيحا للقيم الكلية على القوانين الجزئية، وإدراكا لمكامن التعطيل دون تعميم أو تهويل، واعترافا بالخلل المتوارث من تجربتنا التاريخية بدل التركيز على الخلل المستحدث على يد المستعمر والدولة العلمانية التي ورثنا إياها، وتمييزا بين العنصر الخالد والعنصر التاريخي من الموروث الديني، وتصالحا مع الذات ومع بقية الإنسانية، واندفاعا إلى المستقبل بدل الانشداد إلى الماضي، وما نحتاجه اليوم هو التقدم إلى الإسلام، وليس الرجوع إليه "لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر" (سورة المدثر، الآية 37). وأخيرا نقول: اللهم انصر الشريعة على "أنصار الشريعة"، وانصر الدين على "أنصار الدين"! اللهم آمين.

 

نقلا عن الجزيرة نت

الردة عن الحرية [ح:16] (فوائد الانقلاب على الدعوة )/د. محمد أحمد الراشد
الجمعة, 13 ديسمبر 2013 01:41

د.محمد أحمدالراشد·ثالثاً: كانت “القضية” المحركة عندنا نحن الدعاة هي قضية فكرية مهمتها التذكير بكل كتلة النصوص الفقهية الإسلامية وما يلحق بها من تُراث، وكل قضية فكرية إسلامية أو جاهلية تبقى عائمة في ذهن العامة ضعيفة الاستقرار والروابط بالواقع، لأنها تحتاج بعض الخيال لتصَوُّرِها واستحضار معانيها وأبعادها، والخيال صعب على العامة، ولذلك بقيت فجوة دائمة بين تفكير الخاصة، وهم القادة والدعاة، وتفكير العامة، ولذلك كان التحريك صعباً بسبب هذه الفجوة، وكان الخاصة يتحملون كل العبء بصبر، وقلوبهم عاتبة على عامةٍ هم ضحية التوزيع القدري لمقادير الهمم والاستيعاب والصنعة التحليلية، فإن التحرك هو صدى نوع الفهم، وكان التزوير الإعلامي يزيد هذه الفجوة حجماً، وما كان متاحاً للخاصة سوى انتظار النضج الشعبي الذي يتصاعد ببطء، كمثل فلّاح أودع الأرض نواةً وبقي ينتظرها سنوات لتستوي شجرة تتحفه بثمر.

التفاصيل
ظهور التيارات الإلحادية ناقوس خطر/سلمى عبد الله أحمد لعمى
السبت, 07 ديسمبر 2013 02:49

alt

ظهور تيارات الالحاد و العلمانية في مجتمعات محافظة هو نتيجة فراغ فكري و روحي مرده الى استمرار وضع مأساوي و معاناة طويلة...

 

إنه يذكرني بما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن الماضي حيث إن الأمريكان السود لاقوا الكثير من الاضطهاد من طرف الأسياد البيض؛ فكان من خلفيات ثورتهم ظهور تيار " الحركة الوطنية" The national mouvement. 

التفاصيل
<< البداية < السابق 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 التالي > النهاية >>

الصفحة 15 من 22

السراج TV